خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا سَمِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَى ٱلرَّسُولِ تَرَىۤ أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ ٱلدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ ٱلْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَآ آمَنَّا فَٱكْتُبْنَا مَعَ ٱلشَّاهِدِينَ
٨٣
-المائدة

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { وَإِذَا سَمِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَى ٱلرَّسُولِ تَرَىۤ أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ ٱلدَّمْعِ } أي بالدمع وهو في موضع الحال؛ وكذا { يَقُولُونَ }. وقال ٱمرؤ القيس:

ففاضت دموع العينِ مِنّي صبابةًعلى النَّحْرِ حتى بَلَّ دَمْعِي مِحْمَلِي

وخبر مستفيض إذا كثر وانتشر كفيض الماء عن الكثرة. وهذه أحوال العلماء يبكون ولا يصعقون، ويسألون ولا يصيحون، ويتحازنون ولا يتموّتون؛ كما قال تعالى: { { ٱللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ ٱلْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ } [الزمر: 32] وقال: { { إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ } [الأنفال: 2] وفي «الأنفال» يأتي بيان هذا المعنى إن شاء الله تعالى. وبيّن الله سبحانه في هذه الآيات أن أشد الكفار تمرداً وعتوّا وعداوة للمسلمين اليهود، ويضاهيهم المشركون، وبيّن أن أقربهم مودّة النَّصارى. والله أعلم.

قوله تعالى: { فَٱكْتُبْنَا مَعَ ٱلشَّاهِدِينَ } أي مع أُمة محمد صلى الله عليه وسلم الذين يشهدون بالحق من قوله عز وجل: { { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ } [البقرة: 143] عن ابن عباس وابن جُرَيج. وقال الحسن: الذين يشهدون بالإيمان. وقال أبو عليّ: الذين يشهدون بتصديق نبيك وكتابك. ومعنى «فَٱكْتُبْنَا» ٱجعلنا، فيكون بمنزلة ما قد كُتب ودُوّن.