خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ ٱللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ مَّنْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ ٱنْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ ٱلآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ
٤٦
قُلْ أَرَءَيْتَكُمْ إِنْ أَتَـٰكُمْ عَذَابُ ٱللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلظَّٰلِمُونَ
٤٧
-الأنعام

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالىٰ: { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ ٱللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ }. أي أذهب وٱنتزع. ووحد «سمعكم» لأنه مصدر يدل على الجمع. { وَخَتَمَ } أي طبع، وقد تقدّم في «البقرة». وجواب «إنْ» محذوف تقديره: فمن يأتيكم به، وموضعه نصب؛ لأنها في موضع الحال، كقولك: ٱضربه إن خرج أي خارجاً. ثم قيل: المراد المعاني القائمة بهذه الجوارح، وقد يذهب الله الجوارح والأعراض جميعاً فلا يبقي شيئاً، قال الله تعالىٰ: { { مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهاً } [النساء: 47]. والآية ٱحتجاج على الكفار. { مَّنْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ } «من» رفع بالابتداء وخبرها «إله» و «غيره» صفة له، وكذلك «يأتيكم» موضعه رفع بأنه صفة «إله» ومخرجها مخرج الاستفهام، والجملة التي هي منها في موضع مفعولي رأيتم. ومعنى «أَرَأَيْتُمْ». علمتم ووحّد الضمير في «به» وقد تقدّم الذكر بالجمع لأنّ المعنى أي بالمأخوذ فالهاء راجعة إلى المذكور. وقيل: على السمع بالتصريح؛ مثل قوله: { { وَٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ } [التوبة: 62] ودخلت الأبصار والقلوب بدلالة التضمين. وقيل: { مَّنْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ يَأْتِيكُمْ }. بأحد هذه المذكورات. وقيل: على الهدى الذي تضمنه المعنى.

وقرأ عبد الرحمن الأعرج «بِهُ ٱنْظُرْ» بضم الهاء على الأصل؛ لأن الأصل أن تكون الهاء مضمومة كما تقول: جئت معه. قال النقاش: في هذه الآية دليل على تفضيل السمع على البصر لتقدمته هنا وفي غير آية، وقد مضى هذا في أوّل «البقرة» مستوفى. وتصريف الآيات الإتيان بها من جهات؛ من إعذار وإنذار وترغيب وترهيب ونحو ذلك. { ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ } أي يعرضون. عن ٱبن عباس والحسن ومجاهد وقتادة والسُّدّي؛ يُقال: صدف عن الشيء إذا أعرض عنه صَدْفاً وصُدُوفاً فهو صادفٌ. وصادفته مصادفة أي لقيته عن إعراض عن جهته؛ قال ٱبن الرِّقاع:

إذَا ذَكَرْنَ حديثاً قُلْنَ أحسنَهوهُنّ عن كلّ سوءٍ يُتَّقَى صُدُفُ

والصَّدَف في البعير أن يميل خُفُّه من اليد أو الرجل إلى الجانب الوَحْشيّ؛ فهم يصدفون أي مائلون معرضون عن الحجج والدلالات.

قوله تعالىٰ: { قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ ٱللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً } الحسن: «بغتة» ليلاً «أو جهرة» نهاراً. وقيل: بغتة فجأة. وقال الكسائي: يُقال بَغَتهم الأمرُ يَبغَتهم بَغْتاً وبغتة إذا أتاهم فجأة، وقد تقدّم. { هَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلظَّالِمُونَ } نظيره { { فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْفَاسِقُونَ } [الأحقاف: 35] أي هل يهلك إلاَّ أنتم لشرككم؛ والظلم هنا بمعنى الشرك، كما قال لقمان لابنه: { { يٰبُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِٱللَّهِ إِنَّ ٱلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } [لقمان: 13].