خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُوۤاْ آبَآءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَآءَ إِنِ ٱسْتَحَبُّواْ ٱلْكُفْرَ عَلَى ٱلإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مِّنكُمْ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ
٢٣
-التوبة

الجامع لاحكام القرآن

ظاهر هذه الآية أنها خطاب لجميع المؤمنين كافَّةً، وهي باقية الحكم إلى يوم القيامة في قطع الولاية بين المؤمنين والكافرين. ورَوَت فرقة أن هذه الآية إنما نزلت في الحضّ على الهجرة ورفض بلاد الكفرة. فالمخاطبة على هذا إنما هي للمؤمنين الذين كانوا بمكة وغيرِها من بلاد العرب؛ خُوطبوا بألاّ يوالوا الآباء والإخوة فيكونوا لهم تبعاً في سكنى بلاد الكفر. { إَنِ ٱسْتَحَبُّواْ } أي أحبّوا؛ كما يُقال: استجاب بمعنى أجاب. أي لا تطيعوهم ولا تخصوهم. وخصَّ الله سبحانه الآباء والإخوة إذ لا قرابة أقرب منها. فنفى الموالاة بينهم كما نفاها بين الناس بقوله تعالىٰ: { يَـٰۤأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ ٱلْيَهُودَ وَٱلنَّصَارَىٰ أَوْلِيَآءَ } [المائدة: 51] ليبيّن أن القرب قرب الأديان لا قرب الأبدان. وفي مثله تنشد الصوفية:

يقولون لي دار الأحبّة قد دنتْوأنت كَئيبٌ إنّ ذا لعجيب
فقلت وما تغني ديارٌ قريبةإذا لم يكن بين القلوب قريب
فكم من بعيد الدار نال مُرادَهوآخر جارُ الجَنْب مات كئيب

ولم يذكر الأبناء في هذه الآية؛ إذ الأغلب من البشر أن الأبناء هم التَّبع للآباء. والإحسان والهبة مستثناة من الولاية. " قالت أسماء: يا رسول الله، إن أُميّ قدِمت عليّ راغبةً وهي مشركة أفأصلها؟ قال: صِلِي أُمَّك" خرّجه البخاري.

قوله تعالىٰ: { وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مِّنكُمْ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ } قال ابن عباس: هو مشرك مثلهم؛ لأن مَن رضي بالشرك فهو مشرك.