خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ مَا مِن شَفِيعٍ إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ ذٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمْ فَٱعْبُدُوهُ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ
٣
إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ ٱللَّهِ حَقّاً إِنَّهُ يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ بِٱلْقِسْطِ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ
٤
-يونس

انوار التنزيل واسرار التأويل

{ إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ } التي هي أصول الممكنات. { فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ يُدَبّرُ ٱلأَمْرَ } يقدر أمر الكائنات على ما اقتضته حكمته وسبقت به كلمته ويهيىء بتحريكه أسبابها وينزلها منه، والتدبير النظر في أدبار الأمور لتجيء محمودة العاقبة. { مَا مِن شَفِيعٍ إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ } تقرير لعظمته وعز جلاله، ورد على من زعم أن آلهتهم تشفع لهم عند الله وفيه إثبات الشفاعة لمن أذن له { ذَلِكُـمُ ٱللَّهُ } أي الموصوف بتلك الصفات المقتضية للألوهية والربوبية. { رَبُّكُـمْ } لا غير إذ لا يشاركه أحد في شيء من ذلك. { فَٱعْبُدُوهُ } وحدوه بالعبادة. { أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } تتفكرون أدنى تفكر فينبهكم على أنه المستحق للربوبية والعبادة لا ما تعبدونه.

{ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً } بالموت أو النشور لا إلى غيره فاستعدوا للقائه. { وَعَدَ ٱللَّهُ } مصدر مؤكد لنفسه لأن قوله { إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ } وعد من الله. { حَقّاً } مصدر آخر مؤكد لغيره وهو ما دل عليه { وَعَدَ ٱللَّهُ } { إِنَّهُ يَبْدَأُ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ } بعد بدئه وإهلاكه. { لِيَجْزِيَ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ } أي بعدله أو بعدالتهم وقيامهم على العدل في أمورهم أو بإيمانهم لأنه العدل القويم كما أن الشرك ظلم عظيم وهو الأوجه لمقابلة قوله: { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ } فإن معناه ليجزي الذين كفروا بشراب من حميم وعذاب أليم بسبب كفرهم، لكنه غير النظم للمبالغة في استحقاقهم للعقاب والتنبيه على أن المقصود بالذات من الإِبداء والإعادة هو الإثابة والعقاب واقع بالعرض، وأنه تعالى يتولى إثابة المؤمنين بما يليق بلطفه وكرمه ولذلك لم يعينه، وأما عقاب الكفرة فكأنه داء ساقه إليهم سوء اعتقادهم وشؤم أفعالهم. والآية كالتعليل لقوله تعالى: { { إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً } [يونس: 4] فإنه لما كان المقصود من الإبداء والإعادة مجازاة الله المكلفين على أعمالهم كان مرجع الجميع إليه لا محالة، ويؤيده قراءة من قرأ "أَِنَّهُ يَبْدَأُ" بالفتح أي لأنه ويجوز أن يكون منصوباً أو مرفوعاً بما نصب { وَعَدَ ٱللَّهُ } أو بما نصب { حَقّاً }.