خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي ٱلأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَٱللَّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ
٤١
وَقَدْ مَكَرَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ ٱلْمَكْرُ جَمِيعاً يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ ٱلْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى ٱلدَّارِ
٤٢
وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ ٱلْكِتَابِ
٤٣
-الرعد

انوار التنزيل واسرار التأويل

{ أَوَ لَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِى ٱلأَرْضَ } أرض الكفرة. { نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا } بما نفتحه على المسلمين منها. { وَٱللَّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ } لا راد له وحقيقته الذي يعقب الشيء بالإِبطال، ومنه قيل لصاحب الحق معقب لأنه يقفو غريمه بالاقتضاء، والمعنى أنه حكم للإِسلام بالاقبال وعلى الكفر بالإِدبار وذلك كائن لا يمكن تغييره، ومحل { لا } مع المنفي النصب على الحال أي يحكم نافذاً حكمه. { وَهُوَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } فيحاسبهم عما قليل في الآخرة بعدما عذبهم بالقتل والاجلاء في الدنيا.

{ وَقَدْ مَكَرَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } بأنبيائهم والمؤمنين به منهم. { فَلِلَّهِ ٱلْمَكْرُ جَمِيعًا } إذ لا يؤبه بمكر دون مكره فإنه القادر على ما هو المقصود منه دون غيره. { يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ } فيعد جزاءها. { وَسَيَعْلَمُ ٱلْكُفَّـٰرُ لِمَنْ عُقْبَى ٱلدَّارِ } من الحزبين حيثما يأتيهم العذاب المعد لهم وهم في غفلة منه، وهذا كالتفسير لمكر الله تعالى بهم، واللام تدل على أن المراد بالعقبى العاقبة المحمودة. مع ما في الإضافة إلى الدار كما عرفت. وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو والكافر على إرادة الجنس، وقرىء «الكافرون» و «الذين كفروا» و «الكفر» أي أهله وسيعلم من أعلمه إذا أخبره.

{ وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً } قيل المراد بهم رؤساء اليهود. { قُلْ كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ } فإنه أظهر من الأدلة على رسالتي ما يغني عن شاهد يشهد عليها. { وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ ٱلْكِتَـٰبِ } علم القرآن وما ألف عليه من النظم المعجز، أو علم التوراة وهو ابن سلام وأضرابه، أو علم اللوح المحفوظ وهو الله تعالى، أي كفى بالذي يستحق العبادة وبالذي لا يعلم ما في اللوح المحفوظ إلا هو شهيداً بيننا فيخزي الكاذب منا، ويؤيده قراءة من قرأ { وَمَنْ عِندَهُ } بالكسر و { عِلْمِ ٱلْكِتَـٰبِ } وعلى الأول مرتفع بالظرف فإنه معتمد على الموصول، ويجوز أن يكون مبتدأ والظرف خبره وهو متعين على الثاني. وقرىء { وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ ٱلْكِتَـٰبِ } على الحرف والبناء للمفعول. عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "من قرأ سورة الرعد أعطي من الأجر عشر حسنات بوزن كل سحاب مضى وكل سحاب يكون إلى يوم القيامة من الموفين بعهد الله" .