خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُواْ مَعَهُ عَلَىٰ أَمْرٍ جَامِعٍ لَّمْ يَذْهَبُواْ حَتَّىٰ يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا ٱسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَن لِّمَن شِئْتَ مِنْهُمْ وَٱسْتَغْفِرْ لَهُمُ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٦٢
لاَّ تَجْعَلُواْ دُعَآءَ ٱلرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَآءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
٦٣
أَلاۤ إِنَّ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُواْ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمُ
٦٤
-النور

انوار التنزيل واسرار التأويل

{ إِنَّمَا ٱلمُؤْمِنُونَ } أي الكاملون في الإِيمان. { ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ } من صميم قلوبهم. { وَإِذَا كَانُواْ مَعَهُ عَلَىٰ أَمْرٍ جَامِعٍ } كالجمعة والأعياد والحروب والمشاورة في الأمور، ووصف الأمر بالجمع للمبالغة وقرىء «أمر جميع». { لَّمْ يَذْهَبُواْ حَتَّىٰ يَسْتَئـذِنُوهُ } يستأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأذن لهم، واعتباره في كمال الإِيمان لأنه كالمصداق لصحته والمميز للمخلص فيه عن المنافق فإن ديدنه التسلل والفرار، ولتعظيم الجرم في الذهاب عن مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير إذنه ولذلك أعاده مؤكداً على أسلوب أبلغ فقال: { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَـذِنُونَكَ أُوْلَٰـئِكَ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ } فإنه يفيد أن المستأذن مؤمن لا محالة وأن الذهاب بغير إذن ليس كذلك. { فَإِذَا ٱسْتَـئذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ } ما يعرض لهم من المهام، وفيه أيضاً مبالغة وتضييق الأمر. { فَأْذَن لِّمَن شِئْتَ مِنْهُمْ } تفويض للأمر إلى رأي الرسول صلى الله عليه وسلم، واستدل به على أن بعض الأحكام مفوضة إلى رأيه ومن منع ذلك قيد المشيئة بأن تكون تابعة لعلمه بصدقه فكأن المعنى: فأْذن لمن علمت أن له عذراً. { وَٱسْتَغْفِرْ لَهُمُ ٱللَّهَ } بعد الإِذن فإن الاستئذان ولو لعذر قصور لأنه تقديم لأمر الدنيا على أمر الدين. { أَنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ } لفرطات العباد. { رَّحِيمٌ } بالتيسير عليهم.

{ لاَّ تَجْعَلُواْ دُعَاء ٱلرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً } لا تقيسوا دعاءه إياكم على دعاء بعضكم بعضاً في جواز الإِعراض والمساهلة في الإِجابة والرجوع بغير إذن، فإن المبادرة إلى إجابته عليه الصلاة والسلام واجبة والمراجعة بغير إذنه محرمة. وقيل لا تجعلوا نداءه وتسميته كنداء بعضكم بعضاً باسمه ورفع الصوت به والنداء من وراء الحجرات، ولكن بلقبه المعظم مثل يا نبي الله، ويا رسول الله مع التوقير والتواضع وخفض الصوت، أو لا تجعلوا دعاءه عليكم كدعاء بعضكم على بعض فلا تبالوا بسخطه فإن دعاءه موجب، أو لا تجعلوا دعاءه ربه كدعاء صغيركم كبيركم يجيبه مرة ويرده أخرى فإن دعاءه مستجاب. { قَدْ يَعْلَمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ } ينسلون قليلاً قليلاً من الجماعة ونظير تسلل تدرج وتدخل. { لِوَاذاً } يستتر بعضكم ببعض حتى يخرج، أو يلوذ بمن يؤذن له فينطلق معه كأنه تابعه وانتصابه على الحال وقرىء بالفتح. { فَلْيَحْذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَـٰلِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ } يخالفون أمره بترك مقتضاه ويذهبون سمتاً خلاف سمته، و { عَنْ } لتضمنه معنى الإِعراض أو يصدون عن أمره دون المؤمنين من خالفه عن الأمر إذا صد عنه دونه، وحذف المفعول لأن المقصود بيان المخالف والمخالف عنه والضمير لله تعالى، فإن الأمر له في الحقيقة أو للرسول فإنه المقصود بالذكر. { أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ } محنة في الدنيا. { أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } في الآخرة واستدل به على أن الأمر للوجوب فإنه يدل على أن ترك مقتضى الأمر مقتض لأحد العذابين، فإن الأمر بالحذر عنه يدل على خشية المشروط بقيام المقتضي له وذلك يستلزم الوجوب.

{ أَلا إِنَّ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ } أيها المكلفون من المخالفة والموافقة والنفاق والإِخلاص، وإنما أكد علمه بـ { قَدْ } لتأكيد الوعيد. { وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ } يوم يرجع المنافقون إليه للجزاء، ويجوز أن يكون الخطاب أيضاً مخصوصاً بهم على طريق الإِلتفات، وقرأ يعقوب بفتح الياء وكسر الجيم. { فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُواْ } من سوء الأعمال بالتوبيخ والمجازاة عليه. { وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } لا يخفى عليه خافية.

عن النبي صلى الله عليه وسلم "من قرأ سورة النور أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد كل مؤمن ومؤمنة فيما مضى وفيما بقي" .