خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قُلْ صَدَقَ ٱللَّهُ فَٱتَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ
٩٥
إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ
٩٦
-آل عمران

انوار التنزيل واسرار التأويل

{ قُلْ صَدَقَ ٱللَّهُ } تعريض بكذبهم، أي ثبت أن الله صادق فيما أنزل وأنتم الكاذبون. { فَٱتَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبْرٰهِيمَ حَنِيفاً } أي ملة الإِسلام التي هي في الأصل ملة إبراهيم، أو مثل ملته حتى تتخلصوا من اليهودية التي اضطرتكم إلى التحريف والمكابرة لتسوية الأغراض الدنيوية، وألزمتكم تحريم طيبات أحلها الله لإِبراهيم ومن تبعه. { وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } فيه إشارة إلى أن اتباعه واجب في التوحيد الصرف والاستقامة في الدين والتجنب عن الإِفراط والتفريط، وتعريض بشرك اليهود.

{ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ } أي وضع للعبادة وجعل متعبداً لهم، والواضع هو الله تعالى. ويدل عليه أنه قرىء على البناء للفاعل. { لَلَّذِى بِبَكَّةَ } للبيت الذي { بِبَكَّةَ }، وهي لغة في مكة كالنبيط والنميط، وأمر راتب وراتم ولازب ولازم، وقيل هي موضع المسجد. ومكة البلد من بكة إذا زحمه، أو من بكه إذا دقه فإنها تبك أعناق الجبابرة روي (أنه عليه السلام سئل عن أول بيت وضع للناس فقال: "المسجد الحرام، ثم بيت المقدس. وسئل كم بينهما فقال أربعون سنة" ). وقيل أول من بناه إبراهيم ثم هدم فبناه قوم من جرهم، ثم العمالقة، ثم قريش. وقيل هو أول بيت بناه آدم فانطمس في الطوفان، ثم بناه إبراهيم. وقيل: كان في موضعه قبل آدم بيت يقال له الضراح يطوف به الملائكة، فلما أهبط آدم أمر بأن يحجه ويطوف حوله ورفع في الطوفان إلى السماء الرابعة تطوف به ملائكة السموات وهو لا يلائم ظاهر الآية. وقيل المراد إنه أول بيت بالشرف لا بالزمان. { مُبَارَكاً } كثير الخير والنفع لمن حجه واعتمره واعتكف دونه وطاف حوله، حال من المستكن في الظرف { وَهُدًى لّلْعَـٰلَمِينَ } لأنه قبلتهم ومتعبدهم، ولأن فيه آيات عجيبة كما قال: