خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمَا مِنَّآ إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ
١٦٤
وَإِنَّا لَنَحْنُ ٱلصَّآفُّونَ
١٦٥
وَإِنَّا لَنَحْنُ ٱلْمُسَبِّحُونَ
١٦٦
وَإِن كَانُواْ لَيَقُولُونَ
١٦٧
لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ
١٦٨
لَكُنَّا عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ
١٦٩
فَكَفَرُواْ بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ
١٧٠
وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا ٱلْمُرْسَلِينَ
١٧١
إِنَّهُمْ لَهُمُ ٱلْمَنصُورُونَ
١٧٢
وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلْغَالِبُونَ
١٧٣
فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّىٰ حِينٍ
١٧٤
وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ
١٧٥
أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ
١٧٦
فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَآءَ صَبَاحُ ٱلْمُنْذَرِينَ
١٧٧
وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّىٰ حِينٍ
١٧٨
وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ
١٧٩
-الصافات

انوار التنزيل واسرار التأويل

{ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ } حكاية اعتراف الملائكة بالعبودية للرد على عبدتهم والمعنى: وما منا أحد إلا له مقام معلوم في المعرفة والعبادة والانتهاء إلى أمر الله في تدبير العالم، ويحتمل أن يكون هذا وما قبله من قوله { سُبْحَـٰنَ ٱللَّهِ } من كلامهم ليتصل بقوله: { وَلَقَدْ عَلِمَتِ ٱلجِنَّةُ } [الصافات: 158] كأنه قال ولقد علمت الملائكة أن المشركين معذبون بذلك وقالوا { سُبْحَـٰنَ ٱللَّهِ } تنزيهاً له عنه، ثم استثنوا { ٱلْمُخْلَصِينَ } تبرئة لهم منه، ثم خاطبوا المشركين بأن الافتتان بذلك للشقاوة المقدرة، ثم اعترفوا بالعبودية وتفاوت مراتبهم فيه لا يتجاوزونها فحذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه.

{ وَإِنَّا لَنَحْنُ ٱلصَّافُّونَ } في أداء الطاعة ومنازل الخدمة.

{ وَإِنَّا لَنَحْنُ ٱلْمُسَبّحُونَ } المنزهون الله عما لا يليق به، ولعل الأول إشارة إلى درجاتهم في الطاعة وهذا في المعارف، وما في إن واللام وتوسيط الفصل من التأكيد والاختصاص لأنهم المواظبون على ذلك دائماً من غير فترة دون غيرهم. وقيل هو من كلام النبي عليه الصلاة والسلام والمؤمنين والمعنى: وما منا إلا له مقام معلوم في الجنة أو بين يدي الله يوم القيامة، { وَإِنَّا لَنَحْنُ ٱلصَّافُّونَ } له في الصلاة والمنزهون له عن السوء.

{ وَإِن كَانُواْ لَيَقُولُونَ } أي مشركوا قريش.

{ لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً مّنَ ٱلأَوَّلِينَ } كتاباً من الكتب التي نزلت عليهم.

{ لَكُنَّا عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ } لأخلصنا العبادة له ولم نخالف مثلهم.

{ فَكَفَرُواْ بِهِ } أي لما جاءهم الذكر الذي هو أشرف الأذكار والمهيمن عليها. { فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } عاقبة كفرهم.

{ وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا ٱلْمُرْسَلِينَ } أي وعدنا لهم النصر والغلبة وهو قوله: { إِنَّهُمْ لَهُمُ ٱلْمَنصُورُونَ }.

{ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلْغَـٰلِبُونَ } وهو باعتبار الغالب والمقضي بالذات، وإنما سماه كلمة وهي كلمات لانتظامهم في معنى واحد.

{ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ } فأعرض عنهم. { حَتَّىٰ حِينٍ } هو الموعد لنصرك عليهم وهو يوم بدر، وقيل يوم الفتح.

{ وَأَبْصِرْهُمْ } على ما ينالهم حينئذ والمراد بالأمر الدلالة على أن ذلك كائن قريب كأنه قدامه. { فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ } ما قضينا لك من التأييد والنصرة والثواب في الآخرة، و «سوف» للوعيد لا للتبعيد.

{ أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ } روي أنه لما نزل { فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ } قالوا متى هذا فنزلت.

{ فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ } فإذا نزل العذاب بفنائهم، شبهه بجيش هجمهم فأناخ بفنائهم بغتة، وقيل الرسول وقرىء «نَزَّلَ» على إسناده إلى الجار والمجرور و«نَزَّلَ» أي العذاب. { فَسَاء صَبَاحُ ٱلْمُنْذَرِينَ } فبئس صباح المنذرين صباحهم، واللام للجنس والـ { صَبَاحُ } مستعار من صباح الجيش المبيت لوقت نزول العذاب، ولما كثر فيهم الهجوم والغارة في الصباح سموا الغارة صباحاً وإن وقعت في وقت آخر.

{ وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّىٰ حِينٍ وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ } تأكيد إلى تأكيد وإطلاق بعد تقييد للاشعار بأنه يبصر وأنهم يبصرون ما لا يحيط به الذكر من أصناف المسرة وأنواع المساءة، أو الأول لعذاب الدنيا والثاني لعذاب الآخرة.