خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قَالُواْ رَبَّنَا مَن قَدَّمَ لَنَا هَـٰذَا فَزِدْهُ عَذَاباً ضِعْفاً فِي ٱلنَّارِ
٦١
وَقَالُواْ مَا لَنَا لاَ نَرَىٰ رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِّنَ ٱلأَشْرَارِ
٦٢
أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيّاً أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ ٱلأَبْصَار
٦٣
إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ ٱلنَّارِ
٦٤
قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ مُنذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلاَّ ٱللَّهُ ٱلْوَاحِدُ ٱلْقَهَّارُ
٦٥
رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ٱلْعَزِيزُ ٱلْغَفَّارُ
٦٦
قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ
٦٧
أَنتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ
٦٨
مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِٱلْمَلإِ ٱلأَعْلَىٰ إِذْ يَخْتَصِمُونَ
٦٩
إِن يُوحَىٰ إِلَيَّ إِلاَّ أَنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ
٧٠

انوار التنزيل واسرار التأويل

{ قَالُواْ } أي الأتباع أيضاً. { رَبَّنَا مَن قَدَّمَ لَنَا هَـٰذَا فَزِدْهُ عَذَاباً ضِعْفاً فِى ٱلنَّارِ } مضاعفاً أي ذا ضعف وذلك أن يزيد على عذابه مثله فيصير ضعفين كقوله { رَبَّنَا ءَاتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ ٱلْعَذَابِ }

[الأحزاب: 68] { وَقَالُواْ } أي الطاغوت. { مَا لَنَا لاَ نَرَىٰ رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مّنَ ٱلأَشْرَارِ } يعنون فقراء المسلمين الذين يسترذلون ويسخرون بهم.

{ أَتَّخَذْنَـٰهُمْ سُخْرِيّاً } صفة أخرى لـ { رِجَالاً }، وقرأ الحجازيان وابن عامر وعاصم بهمزة الاستفهام على أنه إنكار على أنفسهم وتأنيب لها في الاستسخار منهم، وقرأ نافع وحمزة والكسائي { سُخْرِيّاً } بالضم وقد سبق مثله في «المؤمنين». { أَمْ زَاغَتْ } مالت. { عَنْهُمُ ٱلأَبْصَـٰرُ } فلا نراهم { أَمْ } معادلة لـ { مَا لَنَا لاَ نَرَىٰ } على أن المراد نفي رؤيتهم لغيبتهم كأنهم قالوا: أليسوا ها هنا أم زاغت عنهم أبصارنا، أو لاتخذناهم على القراءة الثانية بمعنى أي الأمرين فعلنا بهم الاستسخار منهم أم تحقيرهم، فإن زيغ الأبصار كناية عنه على معنى إنكارهما على أنفسهم، أو منقطعة والمراد الدلالة على أن استرذالهم والاستسخار منهم كان لزيغ أبصارهم وقصور أنظارهم على رثاثة حالهم.

{ إِنَّ ذٰلِكَ } الذي حكيناه عنهم. { لَحَقُّ } لا بد أن يتكلموا به ثم بين ما هو فقال: { تَخَاصُمُ أَهْلِ ٱلنَّارِ } وهو بدل من لحق أو خبر محذوف، وقرىء بالنصب على البدل من ذلك.

{ قُلْ } يا محمد للمشركين. { إِنَّمَا أَنَاْ مُنذِرٌ } أنذركم عذاب الله. { وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلاَّ ٱللَّهُ ٱلْوٰحِدُ } الذي لا يقبل الشركة والكثرة في ذاته. { ٱلْقَهَّارُ } لكل شيء يريد قهره.

{ رَبّ ُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا } منه خلقها وإليه أمرها. { ٱلْعَزِيزُ } الذي لا يغلب إذا عاقب. { ٱلْغَفَّارُ } الذي يغفر ما يشاء من الذنوب لمن يشاء، وفي هذه الأوصاف تقرير للتوحيد ووعد ووعيد للموحدين والمشركين، وتثنية ما يشعر بالوعيد وتقديمه لأن المدعو به هو الإِنذار.

{ قُلْ هُوَ } أي ما أنبأتكم به من أني نذير من عقوبة من هذه صفته وأنه واحد في ألوهيته، وقيل ما بعده من نبأ آدم. { نَبَأٌ عَظِيمٌ }.

{ أَنتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ } لتمادي غفلتكم فإن العاقل لا يعرض عن مثله كيف وقد قامت عليه الحجج الواضحة، أما على التوحيد فما مرَّ وأما على النبوة فقوله:

{ مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِٱلْمَـَلإِ ٱلأَعْلَىٰ إِذْ يَخْتَصِمُونَ } فإن إخباره عن تقاول الملائكة وما جرى بينهم على ما ورد في الكتب المتقدمة من غير سماع ومطالعة كتاب لا يتصوّر إلا بالوحي، و { إِذْ } متعلق بـ { عِلْمٍ } أو بمحذوف إذ التقرير من علم بكلام الملأ الأعلى.

{ إِن يُوحَىٰ إِلَيَّ إِلاَّ أَنَّمَا أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } أي لأنما كأنه لما جوز أن الوحي يأتيه بين بذلك ما هو المقصود به تحقيقاً لقوله { إِنَّمَا أَنَاْ مُنذِرٌ } ويجوز أن يرتفع بإسناد يوحى إليه، وقرىء «إِنَّمَا» بالكسر على الحكاية.