خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

بَلِ ٱللَّهَ فَٱعْبُدْ وَكُن مِّنَ ٱلشَّاكِرِينَ
٦٦
وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَٱلأَرْضُ جَمِيعـاً قَبْضَـتُهُ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ وَٱلسَّمَٰوَٰتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ
٦٧
وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ مَن شَآءَ ٱللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ
٦٨
وَأَشْرَقَتِ ٱلأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ ٱلْكِتَابُ وَجِـيءَ بِٱلنَّبِيِّيْنَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِٱلْحَقِّ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ
٦٩
-الزمر

انوار التنزيل واسرار التأويل

{ بَلِ ٱللَّهَ فَٱعْبُدْ } رد لما أمروه به ولولا دلالة التقديم على الاختصاص لم يكن كذلك. { وَكُنْ مّنَ ٱلشَّـٰكِرِينَ } إنعامه عليك وفيه إشارة الى موجب الاختصاص.

{ وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ } ما قدروا عظمته في أنفسهم حق تعظيمه حيث جعلوا له شركاء ووصفوه بما لا يليق به، وقرىء بالتشديد. { وَٱلأَرْضُ جَمِيعـاً قَبْضَـتُهُ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ وَٱلسَّمَـٰوٰتُ مَطْوِيَّـٰتٌ بِيَمِينِهِ } تنبيه على عظمته وحقارة الأفعال العظام التي تتحير فيها الأوهام بالإِضافة إلى قدرته، ودلالة على أن تخريب العالم أهون شيء عليه على طريقة التمثيل والتخييل من غير اعتبار القبضة واليمين حقيقة ولا مجازاً كقولهم: شابت لمة الليل، والقبضة المرة من القبض أطلقت بمعنى القبضة وهي المقدار المقبوض بالكف تسمية بالمصدر أو بتقدير ذات قبضة. وقرىء بالنصب على الظرف تشبيهاً للمؤقت بالمبهم، وتأكيد { ٱلأَرْضِ } بالجميع لأن المراد بها الأرضون السبع أو جميع أبعاضها البادية والغائرة. وقرىء { مَطْوِيَّـٰتٌ } على أنها حال و { ٱلسَّمَـٰوَاتِ } معطوفة على { ٱلأَرْضِ } منظومة في حكمها. { سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } ما أبعد وأعلى من هذه قدرته وعظمته عن إشراكهم، أو ما يضاف إليه من الشركاء.

{ وَنُفِخَ فِى ٱلصُّورِ } يعني المرة الأولى. { فَصَعِقَ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَمَن فِى ٱلأَرْضِ } خر ميتاً أو مغشياً عليه. { إِلاَّ مَن شَاءَ ٱللَّهُ } قيل جبريل ومكائيل وإسرافيل فإنهم يموتون بعد. وقيل حملة العرش. { ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ } نفخة أخرى وهي تدل على أن المراد بالأُولى ونفخ في الصور نفخة واحدة كما صرح به في مواضع، وأخرى تحتمل النصب والرفع. { فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ } قائمون من قبورهم أو متوقفون، وقرىء بالنصب على أن الخبر. { يُنظَرُونَ } وهو حال من ضميره والمعنى: يقلبون أبصارهم في الجوانب كالمبهوتين أو ينتظرون ما يفعل بهم.

{ وَأَشْرَقَتِ ٱلأَرْضُ بِنُورِ رَبّهَا } بما أقام فيها من العدل، سماه «نور» لأنه يزين البقاع ويظهر الحقوق كما سمى الظلم ظلمة. وفي الحديث "الظلم ظلمات يوم القيامة" ولذلك أضاف اسمه إلى { ٱلأَرْضِ } أو بنور خلق فيها بلا واسطة أجسام مضيئة ولذلك أضافه الى نفسه. { وَوُضِعَ ٱلْكِتَـٰبُ } للحساب والجزاء من وضع المحاسب كتاب المحاسبة بين يديه، أو صحائف الأعمال في أيدي العمال، واكتفى باسم الجنس عن الجمع. وقيل اللوح المحفوظ يقابل به الصحائف { وَجِـىء بِٱلنَّبِيّيْنَ وَٱلشُّهَدَاء } الذين يشهدون للأمم وعليهم من الملائكة والمؤمنين، وقيل المستشهدون. { وَقُضِىَ بَيْنَهُمْ } بين العباد. { بِٱلْحَقّ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } بنقص ثواب أو زيادة عقاب على ما جرى به الوعد.