خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلاَ يَصُدَّنَّكُمُ ٱلشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ
٦٢
وَلَمَّا جَآءَ عِيسَىٰ بِٱلْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِٱلْحِكْمَةِ وَلأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ ٱلَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ
٦٣
إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَٱعْبُدُوهُ هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ
٦٤
فَٱخْتَلَفَ ٱلأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ
٦٥
هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ ٱلسَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ
٦٦
ٱلأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ ٱلْمُتَّقِينَ
٦٧
يٰعِبَادِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمُ ٱلْيَوْمَ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ
٦٨
ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ مُسْلِمِينَ
٦٩
ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ
٧٠
يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ ٱلأَنْفُسُ وَتَلَذُّ ٱلأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
٧١
وَتِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱلَّتِيۤ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
٧٢
لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِّنْهَا تَأْكُلُونَ
٧٣
إِنَّ ٱلْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ
٧٤
لاَ يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ
٧٥
وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـٰكِن كَانُواْ هُمُ ٱلظَّالِمِينَ
٧٦
-الزخرف

انوار التنزيل واسرار التأويل

{ وَلاَ يَصُدَّنَّكُمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ } عن المتابعة. { إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } ثابت عداوته بأن أخرجكم عن الجنة وعرضكم للبلية.

{ وَلَمَّا جَاءَ عِيسَىٰ بِٱلْبَيّنَـٰتِ } بالمعجزات أو بآيات الإِنجيل، أو بالشرائع الواضحات. { قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِٱلْحِكْمَةِ } بالإِنجيل أو بالشريعة. { وَلأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ ٱلَّذِى تَخْتَلِفُونَ فِيهِ } وهو ما يكون من أمر الدين لا ما يتعلق بأمر الدنيا، فإن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لم يبعثوا لبيانه، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام "أنتم أعلم بأمر دنياكم" { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ } فيما أبلغه عنه.

{ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ رَبّى وَرَبُّكُمْ فَٱعْبُدُوهُ } بيان لما أمرهم بالطاعة فيه، وهو اعتقاد التوحيد والتعبد بالشرائع. { هَـٰذَا صِرٰطٌ مُّسْتَقِيمٌ } الإِشارة إلى مجموع الأمرين وهو تتمة كلام عيسى عليه الصلاة والسلام، أو استئناف من الله تعالى يدل على ما هو المقتضي للطاعة في ذلك.

{ فَٱخْتَلَفَ ٱلأَحْزَابُ } الفرق المتحزبة. { مِن بَيْنِهِمْ } من بين النصارى أو اليهود والنصارى من بين قومه المبعوث إليهم. { فَوَيْلٌ لّلَّذِينَ ظَلَمُواْ } من المتحزبين { مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ } هو القيامة.

{ هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ ٱلسَّاعَةَ } الضمير لقريش أو { لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ }. { أَن تَأْتِيهُمُ } بدل من { ٱلسَّاعَةَ } والمعنى هل ينظرون إلا إتيان الساعة. { بَغْتَةً } فجأة. { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } غَافِلُونَ عنها لاشتغالهم بأمور الدنيا وإنكارهم لها.

{ ٱلأَخِلاء } الأحباء. { يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ } أي يتعادون يومئذ لانقطاع العلق لظهور ما كانوا يتخالون له سبباً للعذاب. { إِلاَّ ٱلْمُتَّقِينَ } فإن خلتهم لما كانت في الله تبقى نافعة أبد الآباد.

{ يٰعِبَادِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمُ ٱلْيَوْمَ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ } حكاية لما ينادي به المتقون المتحابون في الله يومئذ، وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي وحفص بغير الياء.

{ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِـئَايَـٰتِنَا } صفة المنادي. { وَكَانُواْ مُسْلِمِينَ } حال من الواو أي الذين آمنوا مخلصين، غير أن هذه العبارة آكد وأبلغ.

{ ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوٰجُكُمْ } نساؤكم المؤمنات. { تُحْبَرُونَ } تسرون سروراً يظهر حباره أي أثره على وجوهكم، أو تزينون من الحبر وهو حسن الهيئة أو تكرمون إكراماً يبالغ فيه، والحبرة المبالغة فيما وصف بجميل.

{ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَـٰفٍ مّن ذَهَبٍ وَأَكْوٰبٍ } الصحاف جمع صحفة، والأكواب جمع كوب وهو كوز لا عروة له. { وَفِيهَا } وفي الجنة { مَا تَشْتَهِى ٱلأنفُسُ } وقرأ نافع وابن عامر وحفص { تَشْتَهِيهِ ٱلأَنْفُسُ } على الأصل. { وَتَلَذُّ ٱلأَعْيُنُ } بمشاهدته وذلك تعميم بعد تخصيص ما يعد من الزوائد في التنعم والتلذذ. { وَأَنتُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ } فإن كل نعيم زائل موجب لكلفة الحفظ وخوف الزوال ومستعقب للتحسر في ثاني الحال.

{ وَتِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱلَّتِى أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } وقرأ ورثتموها، شبه جزاء العمل بالميراث لأنه يخلفه عليه العامل، وتلك إشارة إلى الجنة المذكورة وقعت مبتدأ والجنة خبرها، و { ٱلَّتِى أُورِثْتُمُوهَا } صفتها أو { ٱلْجَنَّةِ } صفة { تِلْكَ } و { ٱلَّتِى } خبرها أو صفة { ٱلْجَنَّةِ } والخبر { بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ }، وعليه يتعلق الباء بمحذوف لا بـ { أُورِثْتُمُوهَا }.

{ لَكُمْ فِيهَا فَـٰكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مّنْهَا تَأْكُلُونَ } بعضها تأكلون لكثرتها ودوام نوعها،! ولعل تفصيل التنعم بالمطاعم والملابس وتكريره في القرآن وهو حقير بالإضافة إلى سائر نعائم الجنة لما كان بهم من الشدة والفاقة.

{ إِنَّ ٱلْمُجْرِمِينَ } الكاملين في الإِجرام وهم الكفار لأنه جعل قسيم المؤمنين بالآيات، وحكى عنهم ما يخص بالكفار. { فِى عَذَابِ جَهَنَّمَ خَـٰلِدُونَ } خبر إن أو خالدون خبر والظرف متعلق به.

{ لاَ يُفَتَّرُ عَنْهُمْ } لا يخفف عنهم من فترت عنه الحمى إذا سكنت قليلاً والتركيب للضعف. { وَهُمْ فِيهِ } في العذاب { مُّبْلِسُونَ } آيسون من النجاة.

{ وَمَا ظَلَمْنَـٰهُمْ وَلَـٰكِن كَانُواْ هُمُ ٱلظَّـٰلِمِينَ } مر مثله غير مرة وهم فصل.