خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَارَهُمْ
٢٣
أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَآ
٢٤
إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱرْتَدُّواْ عَلَىٰ أَدْبَارِهِمْ مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلْهُدَى ٱلشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَىٰ لَهُمْ
٢٥
ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لِلَّذِينَ كَرِهُواْ مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ ٱلأَمْرِ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ
٢٦
فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ
٢٧
ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ ٱتَّبَعُواْ مَآ أَسْخَطَ ٱللَّهَ وَكَرِهُواْ رِضْوَٰنَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَٰلَهُمْ
٢٨
أَمْ حَسِبَ ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ ٱللَّهُ أَضْغَانَهُمْ
٢٩
وَلَوْ نَشَآءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ ٱلْقَوْلِ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ
٣٠
-محمد

انوار التنزيل واسرار التأويل

{ أُوْلَـٰئِكَ } إشارة إلى المذكورين. { ٱلَّذِينَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ } لإِفسادهم وقطعهم الأرحام. { فَأَصَمَّهُمْ } عن استماع الحق. { وَأَعْمَىٰ أَبْصَـٰرَهُمْ } فلا يهتدون سبيله.

{ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْءانَ } يتصفحونه وما فيه من المواعظ والزواجر حتى لا يجسروا على المعاصي. { أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا } لا يصل إليها ذكر ولا ينكشف لها أمر، وقيل { أَمْ } منقطعة ومعنى الهمزة فيها التقرير، وتنكير القلوب لأن المراد قلوب بعض منهم أو للإِشعار بأنها لإِبهام أمرها في القساوة، أو لفرط جهالتها ونكرها كأنها مبهمة منكورة وإضافة الأقفال إليها للدلالة على أقفال مناسبة لها مختصة بها لا تجانس الأقفال المعهودة. وقرىء «إقفالها» على المصدر.

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱرْتَدُّواْ عَلَىٰ أَدْبَـٰرِهِمْ } أي ما كانوا عليه من الكفر. { مّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلْهُدَى } بالدلائل الواضحة والمعجزات الظاهرة. { ٱلشَّيْطَـٰنُ سَوَّلَ لَهُمْ } سهل لهم اقتراف الكبائر من السول وهو الاسترخاء. وقيل حملهم على الشهوات من السول وهو التمني، وفيه أن السول مهموز قلبت همزته واواً لضم ما قبلها ولا كذلك التسويل، ويمكن رده بقولهم هما يتساولان وقرىء «سَوَّلَ» على تقدير مضاف أي كيد الشيطان { سَوَّلَ لَهُمْ }. { وَأَمْلَىٰ لَهُمْ } ومد لهم في الآمال والأماني، أو أمهلهم الله تعالى ولم يعاجلهم بالعقوبة لقراءة يعقوب «وَأمْلِي لَهُمْ»، أي وأنا أملي لهم فتكون الواو للحال أو الاستئناف، وقرأ أبو عمرو «وَأمْلِي لَهُمْ» على البناء للمفعول وهو ضمير { ٱلشَّيْطَـٰنِ } أو { لَهُمْ }.

{ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لِلَّذِينَ كَرِهُواْ مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ } أي قال اليهود للذين كفروا بالنبي عليه الصلاة والسلام بعدما تبين لهم نعته للمنافقين، أو المنافقون لهم أو أحد الفريقين للمشركين. { سَنُطِيعُكُمْ فِى بَعْضِ ٱلأَمْرِ } في بعض أموركم أو في بعض ما تأمرون به كالقعود عن الجهاد والموافقة في الخروج معهم إن أخرجوا، والتظافر على الرسول صلى الله عليه وسلم. { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ أَسْرَارَهُمْ } ومنها قولهم هذا الذي أفشاه الله عليهم، وقرأ حمزة والكسائي وحفص «إِسْرَارَهُمْ »على المصدر.

{ فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ } فكيف يعملون ويحتالون حينئذ، وقرىء «توفاهم» وهو يحتمل الماضي والمضارع المحذوف إحدى تاءيه. { يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَـٰرَهُمْ } تصوير لتوفيهم بما يخافون منه ويجبنون عن القتال له.

{ ذٰلِكَ } إشارة إلى التوفي الموصوف. { بِأَنَّهُمُ ٱتَّبَعُواْ مَا أَسْخَطَ ٱللَّهَ } من الكفر ككتمان نعت الرسول عليه الصلاة والسلام وعصيان الأمر. { وَكَرِهُواْ رِضْوَانَهُ } ما يرضاه من الإِيمان والجهاد وغيرهما من الطاعات. { فَأَحْبَطَ أَعْمَـٰلَهُمْ } لذلك.

{ أَمْ حَسِبَ ٱلَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ أَن يُخْرِجَ ٱللَّهُ } أن لن يبرز الله لرسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين. { أَضْغَـٰنَهُمْ } أَحقادهم.

{ وَلَوْ نَشَاءُ لأَرَيْنَـٰكَهُمْ } لعرفناكهم بدلائل تعرفهم بأعيانهم. { فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَـٰهُمْ } بعلاماتهم التي نسمهم بها، واللام لام الجواب كررت في المعطوف. { وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِى لَحْنِ ٱلْقَوْلِ } جواب قسم محذوف و { لَحْنِ ٱلْقَوْلِ } أسلوبه، أو إمالته إلى جهة تعريض وتورية، ومنه قيل للمخطىء لاحن لأنه يعدل بالكلام عن الصواب. { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَـٰلَكُمْ } فيجازيكم على حساب قصدكم إذ الأعمال بالنيات.