خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ ٱلْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَٱلصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَاْ أَخْبَارَكُمْ
٣١
إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَشَآقُّواْ ٱلرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلْهُدَىٰ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ
٣٢
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَلاَ تُبْطِلُوۤاْ أَعْمَالَكُمْ
٣٣
إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ ثُمَّ مَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَهُمْ
٣٤
فَلاَ تَهِنُواْ وَتَدْعُوۤاْ إِلَى ٱلسَّلْمِ وَأَنتُمُ ٱلأَعْلَوْنَ وَٱللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ
٣٥
إِنَّمَا ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلاَ يَسْأَلْكُمْ أَمْوَٰلَكُمْ
٣٦
إِن يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُواْ وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ
٣٧
هَا أَنتُمْ هَـٰؤُلاَءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَٱللَّهُ ٱلْغَنِيُّ وَأَنتُمُ ٱلْفُقَرَآءُ وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُوۤاْ أَمْثَالَكُم
٣٨
-محمد

انوار التنزيل واسرار التأويل

{ وَلَنَبْلُوَنَّكُم } بالأمر بالجهاد وسائر التكاليف الشاقة. { حَتَّىٰ نَعْلَمَ ٱلْمُجَـٰهِدِينَ مِنكُمْ وَٱلصَّـٰبِرِينَ } على مشاقه. { وَنَبْلُوَ أَخْبَـٰرَكُمْ } ما يخبر به عن أعمالكم فيظهر حسنها وقبحها، أو أخبارهم عن إيمانهم وموالاتهم المؤمنين في صدقها وكذبها. وقرأ أبو بكر الأفعال الثلاثة بالياء لتوافق ما قبلها، وعن يعقوب «وَنَبْلُوَ» بسكون الواو على تقدير ونحن نبلو.

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَشَاقُّواْ ٱلرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلْهُدَىٰ } هم قريظة والنضير أو المطعمون يوم بدر. { لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيْئاً } بكفرهم وصدهم، أو لن يضروا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمشاقته وحذف المضاف لتعظيمه وتفظيع مشاقته. { وَسَيُحْبِطُ أَعْمَـٰلَهُمْ } ثواب حسنات أعمالهم بذلك، أو مكايدهم التي نصبوها في مشاقته فلا يصلون بها إلى مقاصدهم ولا تثمر لهم إلا القتل والجلاء عن أوطانهم.

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَلاَ تُبْطِلُواْ أَعْمَـٰلَكُمْ } بما أبطل به هؤلاء كالكفر والنفاق والعجب والرياء والمن والأذى ونحوها، وليس فيه دليل على إحباط الطاعات بالكبائر.

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ ثُمَّ مَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَهُمْ } عام في كل من مات على كفره وإن صح نزوله في أصحاب القليب، ويدل بمفهومه على أنه قد يغفر لمن لم يمت على كفره سائر ذنوبه.

{ فَلاَ تَهِنُواْ } فلا تضعفوا. { وَتَدْعُواْ إِلَى ٱلسَّلْمِ } ولا تدعوا إلى الصلح خوراً وتذللاً، ويجوز نصبه بإضمار إن وقرىء «ولا تدعوا» من ادعى بمعنى دعا، وقرى أبو بكر وحمزة بكسر السين. { وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ } الأغلبون. { وَٱللَّهُ مَعَكُمْ } ناصركم. { وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَـٰلَكُمْ } ولن يضيع أعمالكم، من وترت الرجل إذا قتلت متعلقاً به من قريب أو حميم فأفردته منه من الوتر، شبه به تعطيل ثواب العمل وإفراده منه.

{ إِنَّمَا ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ } لإثبات لها. { وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ } ثواب إيمانكم وتقواكم. { وَلاَ يَسْـئَلْكُمْ أَمْوٰلَكُمْ } جميع أموالكم بل يقتصر على جزء يسير كربع العشر والعشر.

{ إِنْ يَسْـئَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ } فيجهدكم بطلب الكل والإِحفاء والإِلحاف المبالغة وبلوغ الغاية يقال: أحفى شاربه إذ استأصله. { تَبْخَلُواْ } فلا تعطوا. { وَيُخْرِجْ أَضْغَـٰنَكُمْ } ويضغنكم على رسول الله صلى الله عليه وسلم والضمير في يخرج لله تعالى، ويؤيده القراءة بالنون أو البخل لأنه سبب الإِضغان، وقرىء «وتخرج» بالتاء والياء ورفع { أَضْغَـٰنَكُمْ }.

{ هَا أَنتُمْ هَـٰؤُلاء } أي أنتم يا مخاطبون هؤلاء الموصوفون وقوله: { تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُواْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ } استئناف مقرر لذلك، أو صلة لـ { هَـؤُلاء } على أنه بمعنى الذين وهو يعم نفقة الغزو والزكاة وغيرهما. { فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ } ناس يبخلون وهو كالدليل على الآية المتقدمة. { وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ } فإن نفع الإنفاق وضر البخل عائدان إليه، والبخل يعدى بعن وعلى لتضمنه معنى الإِمساك والتعدي فإنه إمساك عن مستحق. { وَٱللَّهُ ٱلْغَنِىُّ وَأَنتُمُ ٱلْفُقَرَاء } فما يأمركم به فهو لاحتياجكم إليه فإن امتثلتم فلكم وإن توليتم فعليكم. { وَإِن تَتَوَلَّوْاْ } عطف على { إِن تُؤْمِنُواْ }. { يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ } يقم مقامكم قوماً آخرين. { ثُمَّ لاَ يَكُونُواْ أَمْثَـٰلَكُم } في التولي والزهد في الإِيمان، وهم الفرس "لأنه سئل عليه الصلاة والسلام عنه وكان سلمان إلى جنبه فضرب فخذه وقال: هذا وقومه" : أو الأنصار أو اليمن أو الملائكة. عن النبي صلى الله عليه وسلم "من قرأ سورة محمد كان حقاً على الله أن يسقيه من أنهار الجنة" .