خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَٰهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَآ إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ ٱللَّهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ
١٨٧
-الأعراف

انوار التنزيل واسرار التأويل

{ يَسْـئَلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ } أي عن القيامة، وهي من الأسماء الغالبة وإطلاقها عليها إما لوقوعها بغتة أو لسرعة حسابها، أو لأنها على طولها عند الله كساعة. { أَيَّانَ مُرْسَـٰهَا } متى إرساؤها أي إثباتها واستقرارها ورسو الشيء ثباته واستقراره، ومنه رسا الجبل وأرسى السفينة، واشتقاق { أَيَّانَ } من أي لأن معناه أي وقت، وهو من أويت إليه لأن البعض أوى إلى الكل. { قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبّي } استأثر به لم يطلع عليه ملكاً مقرباً ولا نبياً مرسلاً. { وَلاَ يُجَلّيهَا لِوَقْتِهَا } لا يظهر أمرها في وقتها. { إِلاَّ هُوَ } والمعنى أن الخفاء بها مستمر على غيره إلى وقت وقوعها، واللام للتأقيت كاللام في قوله: { { أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ لِدُلُوكِ ٱلشَّمْسِ } [الإسراء: 78]. { ثَقُلَتْ فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ } عظمت على أهلها من الملائكة والثقلين لهولها، وكأنه إشارة إلى الحكمة في إخفائها. { لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً } إلا فجأة على غفلة، كما قال عليه الصلاة والسلام: "إن الساعة تهيج بالناس والرجل يصلح حوضه والرجل يسقي ماشيته والرجل يقوم سلعته في سوقه والرجل يخفض ميزانه ويرفعه" { يَسْـئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِىٌّ عَنْهَا } عالم بها، فعيل من حفى عن الشيء إذا سأل عنه، فإن من بالغ في السؤال عن الشيء والبحث عنه استحكم علمه فيه، ولذلك عدي بعن. وقيل هي صلة { يَسْأَلُونَكَ }. وقيل هو من الحفاوة بمعنى الشفقة فإن قريشاً قالوا له: إن بيننا وبينك قرابة فقل لنا متى الساعة، والمعنى يسألونك عنها كأنك حفي تتحفى بهم فتحضهم لأجل قرابتهم بتعليم وقتها. وقيل معناه كأنك حفي بالسؤال عنها تحبه، من حفى بالشيء إذا فرح أن تكثره لأنه من الغيب الذي استأثر الله بعلمه. { قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ ٱللَّهِ } كرره لتكرير يسألونك لما نيط به من هذه الزيادة وللمبالغة. { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } أن علمها عند الله لم يؤته أحداً من خلقه.