خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِمْ مُّوسَىٰ وَهَـٰرُونَ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلإِيْهِ بِآيَـٰتِنَا فَٱسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ
٧٥
فَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلْحَقُّ مِنْ عِندِنَا قَالُوۤاْ إِنَّ هَـٰذَا لَسِحْرٌ مُّبِينٌ
٧٦
قَالَ مُوسَىٰ أَتقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَكُمْ أَسِحْرٌ هَـٰذَا وَلاَ يُفْلِحُ ٱلسَّاحِرُونَ
٧٧
قَالُوۤاْ أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا ٱلْكِبْرِيَآءُ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ
٧٨
-يونس

تفسير القرآن العظيم

يقول تعالى: { ثُمَّ بَعَثْنَا } من بعد تلك الرسل { مُّوسَىٰ وَهَـٰرُونَ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ } أي: قومه { بِآيَـٰتِنَا } أي: حججنا وبراهيننا { فَٱسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ } أي: استكبروا عن اتباع الحق والانقياد له، وكانوا قوماً مجرمين { فَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلْحَقُّ مِنْ عِندِنَا قَالُوۤاْ إِنَّ هَـٰذَا لَسِحْرٌ مُّبِينٌ } كأنهم قبحهم الله أقسموا على ذلك، وهم يعلمون أن ما قالوه كذب وبهتان؛ كما قال تعالى: { { وَجَحَدُواْ بِهَا وَٱسْتَيْقَنَتْهَآ أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً } [النمل: 14] الآية { قَالَ } لهم { مُوسَىٰ } منكراً عليهم: { أَتقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَكُمْ أَسِحْرٌ هَـٰذَا وَلاَ يُفْلِحُ ٱلسَّـٰحِرُونَ قَالُوۤاْ أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا } أي: تثنينا { عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ ءابَاءَنَا } أي: الدين الذي كانوا عليه { وَتَكُونَ لَكُمَا } أي: لك ولهارون { ٱلْكِبْرِيَآءُ } أي: العظمة والرياسة { فِى ٱلأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ }.

وكثيراً ما يذكر الله تعالى قصة موسى عليه السلام مع فرعون في كتابه العزيز؛ لأنها من أعجب القصص؛ فإن فرعون حذر من موسى كل الحذر، فسخره القدر أن ربَّى هذا الذي يحذر منه على فراشه ومائدته بمنزلة الولد، ثم ترعرع وعقد الله له سبباً أخرجه من بين أظهرهم، ورزقه النبوة والرسالة والتكليم، وبعثه إليه ليدعوه إلى الله تعالى ليعبده ويرجع إليه، هذا مع ما كان عليه فرعون من عظمة المملكة والسلطان، فجاءه برسالة الله تعالى، وليس له وزير سوى أخيه هارون عليه السلام، فتمرد فرعون واستكبر، وأخذته الحمية، والنفس الخبيثة، وقوى رأسه، وتولى بركنه، وادعى ما ليس له، وتجهرم على الله، وعتا وبغى، وأهان حزب الإيمان من بني إسرائيل، والله تعالى يحفظ رسوله موسى عليه السلام وأخاه هارون، ويحوطهما بعنايته، ويحرسهما بعينه التي لا تنام، ولم تزل المحاجة والمجادلة والآيات تقوم على يدي موسى شيئاً بعد شيء، ومرة بعد مرة؛ مما يبهر العقول ويدهش الألباب؛ مما لايقوم له شيء، ولا يأتي به إلا من هو مؤيد من الله { { وَمَا نُرِيِهِم مِّنْ ءَايَةٍ إِلاَّ هِىَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا } [الزخرف: 48] وصمم فرعون وملؤه قبحهم الله على التكذيب بذلك كله، والجحد والعناد والمكابرة، حتى أحل الله بهم بأسه الذي لا يرد، وأغرقهم في صبيحة واحدة أجمعين { { فَقُطِعَ دَابِرُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } [الأنعام: 45].