يقول تعالى: { وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ } يا محمد لأذن لأهل الأرض كلهم في الإيمان بما جئتهم به، فآمنوا كلهم، ولكن له حكمة فيما يفعله تعالى؛ كقوله تعالى:
{ { وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ ٱلنَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذٰلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلاََنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ } [هود:118-119] وقال تعالى: { { أَفَلَمْ يَاْيْـئَسِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوۤاْ أَن لَّوْ يَشَآءُ ٱللَّهُ لَهَدَى ٱلنَّاسَ جَمِيعًا } [الرعد: 31] ولهذا قال تعالى: { أَفَأَنتَ تُكْرِهُ ٱلنَّاسَ } أي: تلزمهم وتلجئهم { حَتَّىٰ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ } أي: ليس ذلك عليك ولا إليك، بل الله { { يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِى مَن يَشَآءُ } [المدثر: 31]، { { فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ } [فاطر: 8]، { { لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهْدِى مَن يَشَآءُ } [البقرة: 272]، { لَعَلَّكَ بَـٰخِعٌ نَّفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ } [الشعراء: 3]، { { إِنَّكَ لاَ تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ } [البقرة: 272]، { { فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلَـٰغُ وَعَلَيْنَا ٱلْحِسَابُ } [آل عمران: 20]، { { فَذَكِّرْ إِنَّمَآ أَنتَ مُذَكِّرٌ لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُسَيْطِرٍ } [الغاشية:21-22] إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أن الله تعالى هو الفعال لما يريد، الهادي من يشاء، المضل لمن يشاء؛ لعلمه وحكمته وعدله، ولهذا قال تعالى: { وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَيَجْعَلُ ٱلرِّجْسَ } وهو الخبال والضلال { عَلَى ٱلَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ } أي: حجج الله وأدلته، وهو العادل في كل ذلك؛ في هداية من هدى، وإضلال من ضل.