يقول تعالى مخبراً عن نبيه يعقوب: أنه قال لبنيه في جواب ما سألوا من إرسال يوسف معهم إلى الرعي في الصحراء: { إِنِّى لَيَحْزُنُنِىۤ أَن تَذْهَبُواْ بِهِ } أي: يشق علي مفارقته مدة ذهابكم به إلى أن يرجع، وذلك لفرط محبته له؛ لما يتوسم فيه من الخير العظيم وشمائل النبوة والكمال في الخلق والخلق صلوات الله وسلامه عليه. وقوله: { وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ ٱلذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَـٰفِلُونَ } يقول: وأخشى أن تشتغلوا عنه برميكم ورعيكم، فيأتيه ذئب فيأكله وأنتم لا تشعرون، فأخذوا من فمه هذه الكلمة، وجعلوها عذرهم فيما فعلوه، وقالوا مجيبين له عنها في الساعة الراهنة: { لَئِنْ أَكَلَهُ ٱلذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّآ إِذَا لَّخَـٰسِرُونَ } يقولون: لئن عدا عليه الذئب فأكله من بيننا، ونحن جماعة، إنا إذاً لهالكون عاجزون.