خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ ٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُمْ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ وَفِي ذٰلِكُمْ بَلاۤءٌ مِّن رَّبَّكُمْ عَظِيمٌ
٦
وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ
٧
وَقَالَ مُوسَىۤ إِن تَكْفُرُوۤاْ أَنتُمْ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ
٨
-إبراهيم

تفسير القرآن العظيم

يقول تعالى مخبراً عن موسى، حين ذكر قومه بأيام الله عندهم ونعمه عليهم، إذ أنجاهم من آل فرعون، وما كانوا يسومونهم به من العذاب والإذلال، حيث كانوا يذبحون من وجد من أبنائهم، ويتركون إناثهم، فأنقذهم الله من ذلك، وهذه نعمة عظيمة، ولهذا قال: { وَفِى ذَٰلِكُمْ بَلاَۤءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ } أي: نعمة عظيمة منه عليكم في ذلك، أنتم عاجزون عن القيام بشكرها، وقيل: وفيما كان يصنعه بكم قوم فرعون من تلك الأفاعيل { بَلاَۤءٌ } أي: اختبار عظيم، ويحتمل أن يكون المراد هذا وهذا، والله أعلم؛ كقوله تعالى: { { وَبَلَوْنَـٰهُمْ بِٱلْحَسَنَـٰتِ وَٱلسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } [الأعراف: 168]. وقوله: { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ } أي: آذنكم وأعلمكم بوعده لكم، ويحتمل أن يكون المعنى: وإذ أقسم ربكم، وآلى بعزته وجلاله وكبريائه؛ كقوله تعالى: { { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ } [الأعراف: 167].

وقوله: { لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ } أي: لئن شكرتم نعمتي عليكم، لأزيدنكم منها، { وَلَئِن كَفَرْتُمْ } أي: كفرتم النعم وسترتموها وجحدتموها { إِنَّ عَذَابِى لَشَدِيدٌ }، وذلك بسلبها عنهم، وعقابه إياهم على كفرها، وقد جاء في الحديث: "إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه" . وفي المسند: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر به سائل، فأعطاه تمرة، فسخطها ولم يقبلها، ثم مر به آخر فأعطاه إياها، فقبلها، وقال تمرة من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر له بأربعين درهماً، أو كما قال. قال الإمام أحمد: حدثنا أسود، حدثنا عمارة الصيدلاني عن ثابت عن أنس، قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم سائل، فأمر له بتمرة فلم يأخذها أو وحش بها قال: وأتاه آخر فأمر له بتمرة، فقال: سبحان الله تمرة من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال للجارية: "اذهبي إلى أم سلمة، فأعطيه الأربعين درهماً التي عندها" تفرد به الإمام أحمد، وعمارة بن زاذان وثقه ابن حبان وأحمد ويعقوب بن سفيان. وقال ابن معين: صالح. وقال أبو زرعة: لا بأس به. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه، ولا يحتج به، ليس بالمتين. وقال البخاري: ربما يضطرب في حديثه، وعن أحمد أيضاً أنه قال: روى أحاديث منكرة. وقال أبو داود: ليس بذاك، وضعفه الدارقطني. وقال ابن عدي: لا بأس به، ممن يكتب حديثه.

وقوله تعالى: { وَقَالَ مُوسَىۤ إِن تَكْفُرُوۤاْ أَنتُمْ وَمَن فِى ٱلأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِىٌّ حَمِيدٌ } أي: هو غني عن شكر عباده، وهو الحميد المحمود، وإن كفره من كفره؛ كقوله: { { إِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِىٌّ عَنكُمْ } [الزمر: 7] الآية. وقوله: { { فَكَفَرُواْ وَتَوَلَّواْ وَّٱسْتَغْنَىٰ ٱللَّهُ وَٱللَّهُ غَنِىٌّ حَمِيدٌ } [التغابن: 6]. وفي صحيح مسلم عن أبي ذر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل أنه قال: "يا عبادي لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنكم، كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم، ما زاد ذلك في ملكي شيئاً، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنكم، كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم، ما نقص ذلك في ملكي شيئاً، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنكم، قاموا في صعيد واحد، فسألوني، فأعطيت كل إنسان مسألته، ما نقص ذلك من ملكي شيئاً، إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر" فسبحانه وتعالى الغني الحميد.