خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَآ أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يٰلَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً
٤٢
وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِراً
٤٣
هُنَالِكَ ٱلْوَلاَيَةُ لِلَّهِ ٱلْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَاباً وَخَيْرٌ عُقْباً
٤٤
-الكهف

تفسير القرآن العظيم

يقول تعالى: { وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ } بأمواله، أو بثماره على القول الآخر، والمقصود أنه وقع بهذا الكافر ما كان يحذر مما خوفه به المؤمن؛ من إرسال الحسبان على جنته التي اغتر بها، وأَلْهَته عن الله عز وجل { فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَآ أَنْفَقَ فِيهَا } وقال قتادة: يصفق كفيه متأسفاً متلهفاً على الأموال التي أذهبها عليها، { وَيَقُولُ يٰلَيْتَنِى لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ } أي: عشيرة أو ولد، كما افتخر بهم واستعز { يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِراً هُنَالِكَ ٱلْوَلَـٰيَةُ لِلَّهِ ٱلْحَقِّ } اختلف القراء ههنا، فمنهم من يقف على قوله: { وَمَا كَانَ مُنْتَصِراً هُنَالِكَ } أي: في ذلك الموطن الذي حلّ به عذاب الله، فلا منقذ له منه، ويبتدىء بقوله: { ٱلْوَلَـٰيَةُ لِلَّهِ ٱلْحَقِّ } ومنهم من يقف على { وَمَا كَانَ مُنْتَصِراً } يبتدىء بقوله: { هُنَالِكَ ٱلْوَلَـٰيَةُ لِلَّهِ ٱلْحَقِّ } ثم اختلفوا في قراءة الولاية، فمنهم من فتح الواو من الولاية، فيكون المعنى هنالك الموالاة لله، أي: هنالك كل أحد مؤمن أو كافر يرجع إلى الله وإلى موالاته والخضوع له إذا وقع العذاب؛ كقوله: { { فَلَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا قَالُوۤاْ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَحْدَهُ وَكَـفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ } [غافر: 84] وكقوله إخباراً عن فرعون: { { حَتَّىٰ إِذَآ أَدْرَكَهُ ٱلْغَرَقُ قَالَ ءَامَنتُ أَنَّهُ لاۤ إِلِـٰهَ إِلاَّ ٱلَّذِي ءَامَنَتْ بِهِ بَنوۤاْ إِسْرَٰءِيلَ وَأَنَاْ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ ءَالئَٰنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ ٱلْمُفْسِدِينَ } [يونس: 90 -91] ومنهم من كسر الواو من الولاية، أي: هنالك الحكم لله الحق، ثم منهم من رفع الحق على أنه نعت للولاية، كقوله تعالى: { { ٱلْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ ٱلْحَقُّ لِلرَّحْمَـٰنِ وَكَانَ يَوْماً عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ عَسِيراً } [الفرقان: 26] ومنهم من خفض القاف على أنه نعت لله عز وجل، كقوله: { { ثُمَّ رُدُّوۤاْ إِلَىٰ ٱللَّهِ مَوْلَـٰهُمُ ٱلْحَقِّ } [الأنعام: 62] الآية، ولهذا قال تعالى: { هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا } أي: جزاء { وَخَيْرٌ عُقْبًا } أي: الأعمال التي تكون لله عز وجل، ثوابها خير وعاقبتها حميدة رشيدة كلها خير.