خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَلاۤ إِنَّ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُواْ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمُ
٦٤
-النور

تفسير القرآن العظيم

يخبر تعالى أنه مالك السموات والأرض، وأنه عالم الغيب والشهادة، وهو عالم بما العباد عاملون في سرهم وجهرهم، فقال: { قَدْ يَعْلَمُ مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ } و (قد) للتحقيق، كما قال قبلها: { { قَدْ يَعْلَمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذاً } وقال تعالى: { قَدْ يَعْلَمُ ٱللَّهُ ٱلْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ } [الأحزاب: 18] الآية، وقال تعالى: { قَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّتِي تُجَادِلُكَ } [المجادلة: 1] الآية، وقال: { { قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ ٱلَّذِى يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَـٰكِنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ بِـأَيَـٰتِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ } [الأنعام: 33] وقال: { { قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي ٱلسَّمَآءِ } [البقرة: 144] الآية، فكل هذه الآيات فيها تحقيق الفعل بقد، كقول المؤذن تحقيقاً وثبوتاً: قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة. فقوله تعالى: { قَدْ يَعْلَمُ مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ } أي: هو عالم به، مشاهد له، لا يعزب عنه مثقال ذرة؛ كما قال تعالى: { { وَتَوكَّلْ عَلَى ٱلْعَزِيزِ ٱلرَّحِيمِ } ــــ إلى قوله ــــ { { إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } [الشعراء: 217 ــــ 220] وقوله: { { وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُواْ مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِي ٱلسَّمَآءِ وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذٰلِكَ وَلاۤ أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ } [يونس: 61] وقال تعالى: { { أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ عَلَىٰ كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ } [الرعد: 33] أي: هو شهيد على عباده بما هم فاعلون من خير وشر، وقال تعالى: { { أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ } [هود: 5] وقال تعالى: { { سَوَآءٌ مِّنْكُمْ مَّنْ أَسَرَّ ٱلْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ } [الرعد: 10] الآية، وقال تعالى: { { وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِى كِتَابٍ مُّبِينٍ } [هود: 6] وقال: { { وَعِندَهُ مَفَاتِحُ ٱلْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَآ إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِى ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِى ظُلُمَـٰتِ ٱلأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِى كِتَـٰبٍ مُّبِينٍ } [الأنعام: 59] والآيات والأحاديث في هذا كثيرة جداً.

وقوله: { وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ } أي: ويوم ترجع الخلائق إلى الله، وهو يوم القيامة، { فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُواْ } أي: يخبرهم بما فعلوا في الدنيا من جليل وحقير، وصغير وكبير؛ كما قال تعالى: { { يُنَبَّأُ ٱلإِنسَانُ يَوْمَئِذِ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ } [القيامة: 13] وقال: { { وَوُضِعَ ٱلْكِتَـٰبُ فَتَرَى ٱلْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يٰوَيْلَتَنَا مَا لِهَـٰذَا ٱلْكِتَـٰبِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِرًا وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا } [الكهف: 49] ولهذا قال ههنا: { وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُواْ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمُ } والحمد لله رب العالمين، ونسأله التمام.