خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ سُبْحَانَ ٱللَّهِ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ
٦٨
وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ
٦٩
وَهُوَ ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ ٱلْحَمْدُ فِي ٱلأُولَىٰ وَٱلآخِرَةِ وَلَهُ ٱلْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ
٧٠
-القصص

تفسير القرآن العظيم

يخبر تعالى أنه المنفرد بالخلق والاختيار، وأنه ليس له في ذلك منازع ولا معقب، قال تعالى: { وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَيَخْتَارُ } أي: ما يشاء، فما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، فالأمور كلها خيرها وشرها بيده، ومرجعها إليه، وقوله: { مَا كَانَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ } نفي على أصح القولين؛ كقوله تعالى: { { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ } [الأحزاب: 36] وقد اختار ابن جرير: أن { مّا } ههنا بمعنى الذي، تقديره: ويختار الذي لهم فيه خيرة، وقد احتج بهذا المسلك طائفة المعتزلة على وجوب مراعاة الأصلح، والصحيح أنها نافية؛ كما نقله ابن أبي حاتم عن ابن عباس وغيره أيضاً. فإن المقام في بيان انفراده تعالى بالخلق والتقدير والاختيار، وأنه لا نظير له في ذلك، ولهذا قال: { سُبْحَـٰنَ ٱللَّهِ وَتَعَـٰلَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } أي: من الأصنام والأنداد التي لا تخلق، ولا تختار شيئاً.

ثم قال تعالى: { وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ } أي: يعلم ما تكن الضمائر، وما تنطوي عليه السرائر، كما يعلم ما تبديه الظواهر من سائر الخلائق { { سَوَآءٌ مِّنْكُمْ مَّنْ أَسَرَّ ٱلْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِٱلَّيْلِ وَسَارِبٌ بِٱلنَّهَارِ } [الرعد: 10]. وقوله: { وَهُوَ ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } أي: هو المنفرد بالإلهية، فلا معبود سواه، كما لا رب يخلق ما يشاء ويختار سواه { لَهُ ٱلْحَمْدُ فِي ٱلأُولَىٰ وَٱلأَخِرَةِ } أي: في جميع ما يفعله هو المحمود عليه بعدله وحكمته { وَلَهُ ٱلْحُكْمُ } أي: الذي لا معقب له؛ لقهره وغلبته وحكمته ورحمته { وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } أي: جميعكم يوم القيامة، فيجزي كل عامل بعمله من خير وشر، ولايخفى عليه منهم خافية في سائر الأعمال.