خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلْعَذَابِ وَلَوْلاَ أَجَلٌ مُّسَمًّى لَّجَآءَهُمُ ٱلْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ
٥٣
يَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِٱلْكَافِرِينَ
٥٤
يَوْمَ يَغْشَاهُمُ ٱلْعَذَابُ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيِقُولُ ذُوقُواْ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
٥٥
-العنكبوت

تفسير القرآن العظيم

يقول تعالى مخبراً عن جهل المشركين في استعجالهم عذاب الله أن يقع بهم وبأس الله أن يحل عليهم، كما قال تعالى: { وَإِذْ قَالُواْ ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } وقال ههنا: { وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلْعَذَابِ وَلَوْلاَ أَجَلٌ مُّسَمًّى لَّجَآءَهُمُ ٱلْعَذَابُ } أي لولا ما حتم الله من تأخير العذاب إلى يوم القيامة لجاءهم العذاب قريباً سريعاً كما استعجلوه، ثم قال: { وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً } أي فجأة { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ يَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِٱلْكَافِرِينَ } أي يستعجلون العذاب وهو واقع بهم لا محالة.

قال شعبة عن سماك عن عكرمة: قال في قوله: { وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِٱلْكَـٰفِرِينَ } قال: البحر وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين، حدثنا عمر بن إسماعيل بن مجاهد، حدثنا أبي عن مجالد عن الشعبي أنه سمع ابن عباس يقول: { وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِٱلْكَـٰفِرِينَ } وجهنم هو هذا البحر الأخضر تنتثر الكواكب فيه، وتكور فيه الشمس والقمر، ثم يوقد فيكون هو جهنم. وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو عاصم، أخبرنا عبد الله بن أمية، حدثني محمد بن حيي، أخبرني صفوان بن يعلى عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "البحر هو جهنم" قالوا ليعلى، فقال: ألا ترون أن الله تعالى يقول: { { نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا } [الكهف: 29] قال: لا والذي نفس يعلى بيده، لا أدخلها أبداً حتى أعرض على الله ولا يصيبني منها قطرة حتى أعرض على الله تعالى، هذا تفسير غريب، وحديث غريب جداً، والله أعلم.

ثم قال عز وجل: { يَوْمَ يَغْشَـٰهُمُ ٱلْعَذَابُ مِن فَوْقِهِمْ وَمن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ } كقوله تعالى: { { لَهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ } [الأعراف: 41] وقال تعالى: { { لَهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ ٱلنَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ } [الزمر: 16] وقال تعالى: { { لَوْ يَعْلَمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ حِينَ لاَ يَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ ٱلنَّارَ وَلاَ عَن ظُهُورِهِمْ } [الأنبياء: 39] الآية، فالنار تغشاهم من سائر جهاتهم، وهذا أبلغ في العذاب الحسي. وقوله تعالى: { وَيِقُولُ ذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } تهديد وتقريع وتوبيخ، وهذا عذاب معنوي على النفوس، كقوله تعالى: { { يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِى ٱلنَّارِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ ذُوقُواْ مَسَّ سَقَرَ } [القمر: 48 ــــ 49] وقال تعالى: { { يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَىٰ نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا هَـٰذِهِ ٱلنَّارُ ٱلَّتِى كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ أَفَسِحْرٌ هَـٰذَا أَمْ أَنتُمْ لاَ تُبْصِرُونَ ٱصْلَوْهَا فَٱصْبِرُوۤاْ أَوْ لاَ تَصْبِرُواْ سَوَآءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } [الطور: 13 ــــ 16].