خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يٰحَسْرَةً عَلَى ٱلْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ
٣٠
أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّنَ ٱلْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ
٣١
وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ
٣٢
-يس

تفسير القرآن العظيم

قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: { يٰحَسْرَةً عَلَى ٱلْعِبَادِ } أي: يا ويل العباد وقال قتادة: { يٰحَسْرَةً عَلَى ٱلْعِبَادِ } أي: يا حسرة العباد على أنفسهم على ما ضيعت من أمر الله، وفرطت في جنب الله، وفي بعض القراءات: يا حسرة العباد على أنفسها ومعنى هذا: يا حسرتهم وندامتهم يوم القيامة إذا عاينوا العذاب، كيف كذبوا رسل الله، وخالفوا أمر الله، فإنهم كانوا في الدار الدنيا، المكذبون منهم { مَا يَأْتِيهِمْ مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ } أي: يكذبونه ويستهزئون به، ويجحدون ما أرسل به من الحق.

ثم قال تعالى: { أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّنَ ٱلْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ } أي: ألم يتعظوا بمن أهلك الله قبلهم من المكذبين للرسل، كيف لم يكن لهم إلى هذه الدنيا كرة ولا رجعة، ولم يكن الأمر كما زعم كثير من جهلتهم وفجرتهم من قولهم: { { إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا } [المؤمنون: 37] وهم القائلون بالدور من الدهرية، وهم الذين يعتقدون جهلاً منهم أنهم يعودون إلى الدنيا، كما كانوا فيها، فرد الله تبارك وتعالى عليهم باطلهم، فقال تبارك وتعالى: { أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّنَ ٱلْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ }.

وقوله عز وجل: { وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ } أي: وإن جميع الأمم الماضية والآتية ستحضر للحساب يوم القيامة بين يدي الله جل وعلا، فيجازيهم بأعمالهم كلها خيرها وشرها، ومعنى هذا كقوله جل وعلا: { { وَإِنَّ كُـلاًّ لَّمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ } [هود: 111] وقد اختلف القراء في أداء هذا الحرف، فمنهم من قرأ { وإن كلٌّ لَمَا } بالتخفيف، فعنده أن (إن) للإثبات، ومنهم من شدد { لَّمَّا } وجعل إن نافية، ولما بمعنى إلا، تقديره: وما كل إلا جميع لدينا محضرون، ومعنى القراءتين واحد، والله سبحانه وتعالى أعلم.