خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّا زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِزِينَةٍ ٱلْكَوَاكِبِ
٦
وَحِفْظاً مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ
٧
لاَّ يَسَّمَّعُونَ إِلَىٰ ٱلْمَلإِ ٱلأَعْلَىٰ وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ
٨
دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ وَاصِبٌ
٩
إِلاَّ مَنْ خَطِفَ ٱلْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ
١٠
-الصافات

تفسير القرآن العظيم

يخبر تعالى أنه زين السماء الدنيا للناظرين إليها من أهل الأرض بزينة الكواكب، قرىء بالإضافة، وبالبدل، وكلاهما بمعنى واحد، فالكواكب السيارة والثوابت يثقب ضوءُها جرم السماء الشفاف فتضيء لأهل الأرض كما قال تبارك وتعالى: { { وَلَقَدْ زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِمَصَـٰبِيحَ وَجَعَلْنَـٰهَا رُجُوماً لِّلشَّيَـٰطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ ٱلسَّعِيرِ } [الملك: 5] وقال عز وجل: { { وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِى ٱلسَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّـٰهَا لِلنَّـٰظِرِينَ وَحَفِظْنَـٰهَا مِن كُلِّ شَيْطَـٰنٍ رَّجِيمٍ إِلاَّ مَنِ ٱسْتَرَقَ ٱلسَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ } [الحجر: 16 ــــ 18] فقوله جل وعلا ههنا: { وَحِفْظاً } تقديره: وحفظناها حفظاً { مِّن كُلِّ شَيْطَـٰنٍ مَّارِدٍ } يعني: المتمرد العاتي، إذا أراد أن يسترق السمع، أتاه شهاب ثاقب، فأحرقه، ولهذا قال جل جلاله: { لاَّ يَسَّمَّعُونَ إِلَىٰ ٱلْمَلإِ ٱلاَْعْلَىٰ } أي: لئلا يصلوا إلى الملأ الأعلى، وهي السموات ومن فيها من الملائكة، إذا تكلموا بما يوحيه الله تعالى مما يقوله من شرعه وقدرته؛ كما تقدم بيان ذلك في الأحاديث التي أوردناها عند قوله تبارك وتعالى: { { حَتَّىٰ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُواْ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُواْ ٱلْحَقَّ وَهُوَ ٱلْعَلِىُّ ٱلْكَبِيرُ } [سبأ: 23] ولهذا قال تعالى: { وَيُقْذَفُونَ } أي: يرمون { مِن كُلِّ جَانِبٍ } أي: من كل جهة يقصدون السماء منها { دُحُوراً } أي: رجماً يدحرون به ويزجرون ويمنعون من الوصول إلى ذلك ويرجمون، { وَلَهُمْ عَذابٌ وَاصِبٌ } أي: في الدار الآخرة لهم عذاب دائم موجع مستمر؛ كما قال جلت عظمته: { { وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ ٱلسَّعِيرِ } [الملك: 5] وقوله تبارك وتعالى: { إِلاَّ مَنْ خَطِفَ ٱلْخَطْفَةَ } أي: إلا من اختطف من الشياطين الخطفة وهي الكلمة يسمعها من السماء فيلقيها إلى الذي تحته، ويلقيها الآخر إلى الذي تحته، فربما أدركه الشهاب قبل أن يلقيها، وربما ألقاها بقدر الله تعالى قبل أن يأتيه الشهاب فيحرقه، فيذهب بها الآخر إلى الكاهن كما تقدم في الحديث، ولهذا قال: { إِلاَّ مَنْ خَطِفَ ٱلْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ } أي: مستنير. قال ابن جرير: حدثنا أبو كريب، حدثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان للشياطين مقاعد في السماء، قال: فكانوا يستمعون الوحي، قال: وكانت النجوم لا تجري، وكانت الشياطين لا ترمى، قال: فإذا سمعوا الوحي، نزلوا إلى الأرض، فزادوا في الكلمة تسعاً، قال: فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل الشيطان إذا قعد مقعده، جاءه شهاب فلم يخطئه حتى يحرقه. قال: فشكوا ذلك إلى إبليس لعنه الله، فقال: ما هو إلا من أمر حدث. قال: فبعث جنوده، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي بين جبلي نخلة، قال وكيع: يعني: بطن نخلة، قال: فرجعوا إلى إبليس فأخبروه، فقال: هذا الذي حدث. وستأتي إن شاء الله تعالى الأحاديث الواردة مع الآثار في هذا المعنى عند قوله تعالى إخباراً عن الجن أنهم قالوا: { { وَأَنَّا لَمَسْنَا ٱلسَّمَآءَ فَوَجَدْنَـٰهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَـٰعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ ٱلأَنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَّصَداً وَأَنَّا لاَ نَدْرِىۤ أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِى ٱلاَْرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً } [الجن: 8 ــــ 10].