يقول تبارك وتعالى مخبراً عن فضائل عباده المرسلين، وأنبيائه العابدين: { وَٱذْكُرْ عِبَادَنَآ إِبْرَٰهِيمَ وَإِسْحَـٰقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِى ٱلأَيْدِى وَٱلأَبْصَـٰرِ } يعني بذلك: العمل الصالح، والعلم النافع، والقوة في العبادة، والبصيرة النافذة، قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما: { أُوْلِى ٱلأَيْدِى } يقول: أولي القوة والعبادة { وٱلأَبْصَـٰرَ } يقول: الفقه في الدين. وقال مجاهد: { أُوْلِى ٱلأَيْدِى } يعني: القوة في طاعة الله تعالى، والأبصار يعني: البصر في الحق. وقال قتادة والسدي: أعطوا قوة في العبادة، وبصراً في الدين.
وقوله تبارك وتعالى: { إِنَّآ أَخْلَصْنَٰهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى ٱلدَّارِ } قال مجاهد: أي: جعلناهم يعملون للآخرة، ليس لهم غيرها. وكذا قال السدي: ذكرهم للآخرة، وعملهم لها. وقال مالك بن دينار: نزع الله تعالى من قلوبهم حب الدنيا وذكرها، وأخلصهم بحب الآخرة وذكرها، وكذا قال عطاء الخراساني. وقال سعيد بن جبير: يعني بالدار: الجنة، يقول: أخلصناها لهم بذكرهم لها، وقال في رواية أخرى: ذكرى الدار: عقبى الدار، وقال قتادة: كانوا يذكرون الناس الدار الآخرة، والعمل لها، وقال ابن زيد: جعل لهم خاصة أفضل شيء في الدار الآخرة.
وقوله تعالى: { وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ ٱلْمُصْطَفَيْنَ ٱلأَخْيَارِ } أي: لمن المختارين المجتبين الأخيار فهم أخيار مختارون.
وقوله تعالى: { وَٱذْكُرْ إِسْمَـٰعِيلَ وَٱلْيَسَعَ وَذَا ٱلْكِفْلِ وَكُلٌّ مِّنَ ٱلأَخْيَارِ } قد تقدم الكلام على قصصهم وأخبارهم مستقصاة في سورة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بما أغنى عن إعادته ههنا.
وقوله عز وجل: { هَـٰذَا ذِكْرٌ } أي: هذا فصل فيه ذكر لمن يتذكر، قال السدي: يعني: القرآن العظيم.