خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ لِلنَّـاسِ بِٱلْحَقِّ فَـمَنِ ٱهْتَـدَىٰ فَلِنَفْسِهِ وَمَن ضَـلَّ فَإنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِـيلٍ
٤١
ٱللَّهُ يَتَوَفَّى ٱلأَنفُسَ حِينَ مَوْتِـهَا وَٱلَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِـهَا فَيُمْسِكُ ٱلَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا ٱلْمَوْتَ وَيُرْسِلُ ٱلأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
٤٢
-الزمر

تفسير القرآن العظيم

يقول تعالى مخاطباً رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم { إِنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَـٰبَ } يعني: القرآن { لِلنَّـاسِ بِٱلْحَقِ } أي: لجميع الخلق من الإنس والجن؛ لتنذرهم به، { فَـمَنِ ٱهْتَـدَىٰ فَلِنَفْسِهِ } أي: فإنما يعود نفع ذلك إلى نفسه، { وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا } أي: إنما يرجع وبال ذلك على نفسه، { وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ } أي: بموكل أن يهتدوا، { { إِنَّمَآ أَنتَ نَذِيرٌ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ وَكِيلٌ } [هود: 12] { فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلَـٰغُ وَعَلَيْنَا ٱلْحِسَابُ } [الرعد: 40]. ثم قال تعالى مخبراً عن نفسه الكريمة بأنه المتصرف في الوجود بما يشاء، وأنه يتوفى الأنفس الوفاة الكبرى بما يرسل من الحفظة الذين يقبضونها من الأبدان، والوفاة الصغرى عند المنام؛ كما قال تبارك وتعالى: { { وَهُوَ ٱلَّذِى يَتَوَفَّـٰكُم بِٱلَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِٱلنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَىٰ أَجَلٌ مّسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ وَهُوَ ٱلْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حَتَّىٰ إِذَا جَآءَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ } [الأنعام: 60 ــــ 61] فذكر الوفاتين الصغرى ثم الكبرى، وفي هذه الآية ذكر الكبرى ثم الصغرى، ولهذا قال تبارك وتعالى: { ٱللَّهُ يَتَوَفَّى ٱلأَنفُسَ حِينَ مِوْتِـهَا وَٱلَّتِى لَمْ تَمُتْ فِى مَنَامِـهَا فَيُمْسِكُ ٱلَّتِى قَضَىٰ عَلَيْهَا ٱلْمَوْتَ وَيُرْسِلُ ٱلأَخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى } فيه دلالة على أنه تجتمع في الملأ الأعلى كما ورد بذلك الحديث المرفوع الذي رواه ابن منده وغيره. وفي صحيحي البخاري ومسلم من حديث عبيد الله بن عمر عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا أوى أحدكم إلى فراشه، فلينفضه بداخلة إزاره؛ فإنه لا يدري ما خلفه عليه، ثم ليقل: باسمك ربي وضعت جنبي، وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين" . وقال بعض السلف: تقبض أرواح الأموات إذا ماتوا، وأرواح الأحياء إذا ناموا، فتتعارف ما شاء الله تعالى أن تتعارف { فَيُمْسِكُ ٱلَّتِى قَضَىٰ عَلَيْهَا ٱلْمَوْتَ } التي قد ماتت، ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى. قال السدي: إلى بقية أجلها، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: يمسك أنفس الأموات، ويرسل أنفس الأحياء، ولا يغلط، { إِنَّ فِى ذٰلِكَ لآيَـٰتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }.