يقول تبارك وتعالى مخبراً عن نفسه تبارك وتعالى: أنه الغني عما سواه من المخلوقات كما قال موسى عليه الصلاة والسلام:
{ { إِن تَكْفُرُوۤاْ أَنتُمْ وَمَن فِى ٱلأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِىٌّ حَمِيدٌ } [إبراهيم: 8] وفي صحيح مسلم: "يا عبادي لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنكم، كانوا على أفجر قلب رجل منكم، ما نقص ذلك من ملكي شيئاً" . وقوله تعالى: { وَلاَ يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ ٱلْكُفْرَ } أي: لا يحبه ولا يأمر به، { وَإِن تَشْكُرُواْ يَرْضَهُ لَكُمْ } أي: يحبه لكم، ويزدكم من فضله، { وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ } أي: لا تحمل نفس عن نفس شيئاً، بل كل مطالب بأمر نفسه، { ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ مَّرْجِعُكُـمْ فَيُنَبِّئُكُـمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } أي: فلا تخفى عليه خافية. وقوله عز وجل: { وَإِذَا مَسَّ ٱلإِنسَـٰنَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ } أي عند الحاجة يتضرع ويستغيث بالله وحده لا شريك له؛ كما قال تعالى:
{ { وَإِذَا مَسَّكُمُ ٱلْضُّرُّ فِى ٱلْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّـٰكُمْ إِلَى ٱلْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ ٱلإِنْسَـٰنُ كَفُورًا } [الإسراء: 67] ولهذا قال تبارك وتعالى: { ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِىَ مَا كَانَ يَدْعُوۤ إِلَيْهِ مِن قَبْلُ } أي: في حال الرفاهية ينسى ذلك الدعاء والتضرع؛ كما قال جل جلاله: { { وَإِذَا مَسَّ ٱلإِنسَـٰنَ ٱلضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَآئِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَآ إِلَىٰ ضُرٍّ مَّسَّهُ } [يونس: 12]. وقوله تعالى: { وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَاداً لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ } أي: في حال العافية يشرك بالله، ويجعل له أنداداً، { قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَـٰبِ ٱلنَّارِ } أي: قل لمن هذه حالته وطريقته ومسلكه: تمتع بكفرك قليلاً. وهو تهديد شديد، ووعيد أكيد؛ كقوله تعالى:
{ { قُلْ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى ٱلنَّارِ } [إبراهيم: 30] وقوله تعالى: { نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَىٰ عَذَابٍ غَلِيظٍ } [لقمان: 24].