خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَآءِ ٱلْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ
٤
وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُواْ حَتَّىٰ تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٥
-الحجرات

تفسير القرآن العظيم

ثم إنه تبارك وتعالى ذم الذين ينادونه من وراء الحجرات، وهي بيوت نسائه كما يصنع أجلاف الأعراب، فقال: { أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } ثم أرشد تعالى إلى الأدب في ذلك، فقال عز وجل: { وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُواْ حَتَّىٰ تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ } أي لكان لهم في ذلك الخيرة والمصلحة في الدنيا والآخرة. ثم قال جل ثناؤه داعياً لهم إلى التوبة والإنابة: { وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } وقد ذكر أنها نزلت في الأقرع بن حابس التميمي رضي الله عنه، فيما أورده غير واحد. قال الإمام أحمد: حدثنا عفان حدثنا وهيب حدثنا موسى بن عقبة عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن الأقرع بن حابس رضي الله عنه: أنه نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم من وراء الحجرات فقال: يا محمد يا محمد وفي رواية: يا رسول الله فلم يجبه، فقال: يا رسول الله إن حمدي لزين، وإن ذمي لشين، فقال صلى الله عليه وسلم: "ذاك الله عز وجل" وقال ابن جرير: حدثنا أبو عمار الحسين بن حريث المروزي، حدثنا الفضل بن موسى عن الحسين بن واقد، عن أبي إسحاق عن البراء في قوله تبارك وتعالى: { إَنَّ ٱلَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَآءِ ٱلْحُجُرَٰتِ } قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد، إن حمدي زين وذمي شين، فقال صلى الله عليه وسلم: "ذاك الله عز وجل" وهكذا ذكره الحسن البصري وقتادة مرسلاً.

وقال سفيان الثوري عن حبيب بن أبي عمرة قال: كان بشر بن غالب ولبيد بن عطارد أو بشر بن عطارد ولبيد بن غالب، وهما عند الحجاج جالسان، فقال بشر بن غالب للبيد بن عطارد: نزلت في قومك بني تميم: { إَنَّ ٱلَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَآءِ ٱلْحُجُرَٰتِ } قال: فذكرت ذلك لسعيد بن جبير، فقال: أما إنه لو علم بآخر الآية، أجابه { يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُواْ } قالوا: أسلمنا، ولم يقاتلك بنو أسد، وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا عمرو بن علي الباهلي. حدثنا المعتمر بن سليمان قال: سمعت داود الطائي يحدث عن أبي مسلم البجلي عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: اجتمع أناس من العرب، فقالوا: انطلقوا بنا إلى هذا الرجل فإن يك نبياً فنحن أسعد الناس به، وإن يك ملكاً نعش بجناحه. قال: فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما قالوا، فجاؤوا إلى حجرة النبي صلى الله عليه وسلم فجعلوا ينادونه وهو في حجرته: يا محمد يا محمد، فأنزل الله تعالى: { إَنَّ ٱلَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَآءِ ٱلْحُجُرَٰتِ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } قال: فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بأذني، فمدها فجعل يقول: "لقد صدق الله تعالى قولك يا زيد، لقد صدق الله قولك يا زيد" ورواه ابن جرير عن الحسن بن عرفة، عن المعتمر بن سليمان به.