قد تقدم الكلام في أول سورة البقرة على ما يتعلق بالحروف وبسطه واختلاف الناس فيه، قال ابن جرير: حدثنا سفيان بن وكيع، حدثنا أبي عن شريك عن عطاء بن السائب عن أبي الضحى عن ابن عباس: { الۤمۤصۤ}: أنا الله أفصل، وكذا قال سعيد بن جبير {كِتَـٰبٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ} أي: هذا كتاب أنزل إليك، أي: من ربك {فَلاَ يَكُن فِى صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ} قال مجاهد وقتادة والسدي: شك منه. وقيل: لا تتحرج به في إبلاغه والإنذار به،
{ فَٱصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ ٱلْعَزْمِ مِنَ ٱلرُّسُلِ } [الأحقاف: 35] ولهذا قال: {لِتُنذِرَ بِهِ} أي: أنزلناه إليك لتنذر به الكافرين {وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ}. ثم قال تعالى مخاطباً للعالم: {ٱتَّبِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ} أي: اقتفوا آثار النبي الأمي الذي جاءكم بكتاب أنزل إليكم من رب كل شيء ومليكه، {وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ} أي: لا تخرجوا عما جاءكم به الرسول إلى غيره، فتكونوا قد عدلتم عن حكم الله إلى حكم غيره، {قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ} كقوله: { وَمَآ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ } [يوسف: 103] وقوله: {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِى ٱلأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ} الآية، وقوله: { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِٱللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ } [يوسف: 106].