وفـي هذا الكلام متروك قداستغنـي بدلالة ما ذكر علـيه عنه، وهو: فرجع الرسول إلـى الـملك من عند يوسف برسالته، فدعا الـملك النسوة اللاتـي قطَّعن أيديهن وامرأة العزيز، فقال لهنّ: { ما خَطْبُكُنَّ إذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ }؟ كالذي:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلـمة، عن ابن إسحاق: فلـما جاء الرسول الـملك من عند يوسف بـما أرسله إلـيه جميع النسوة { وَقالَ ما خَطْبُكُنَّ إذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ }.
ويعنـي بقوله: { ما خَطْبُكُنَّ } ما كان أمركنّ، وما كان شأنكنّ إذ راودتنّ يوسف عن نفسه، فأجبنه: { فَقُلْنَ حاشَ لِلَّه مَا عَلِـمْنا علَـيْهِ مِنْ سُوءٍ، قالَتِ امْرأةُ العَزِيزِ الآنَ حَصْحَص الـحَقُّ } تقول: الآن تبـين الـحقّ وانكشف فظهر، { أنا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ } وإن يوسف لـمن الصادقـين فـي قوله { هِيَ رَاوَدَتْنـي عَنْ نَفْسِي }.
وبـمثل ما قلنا فـي معنى: { الآنَ حَصْحَصَ الـحَقُّ } قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا عبد الله، قال: ثنا معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس: { الآنَ حَصْحَصَ الـحَقُّ } قال: تبـين.
حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، فـي قول الله: { الآنَ حَصْحَصَ الـحَقُّ } تبـين.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا ابن نـمير، عن ورقاء، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، مثله.
حدثنا الـحسن بن مـحمد، قال: ثنا شبـابة، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، مثله.
حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله بن أبـي جعفر، عن ورقاء، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، مثله.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: { الآنَ حَصْحَصَ الـحَقُّ } الآن تبـين الـحق.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، مثله.
حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة: { الآنَ حَصْحَصَ الـحَقُّ } قال: تبـين.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، مثله.
حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة: { الآنَ حَصْحَصَ الـحَقُّ } قال: تبـين.
حدثنا الحسن بن محمد قال ثنا عمرو بن محمد قال قال ثنا أسباط عن السدي مثله.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عمرو بن مـحمد، عن أسبـاط، عن السديّ، مثله.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنا هشيـم، قال: أخبرنا جويبر، عن الضحاك، مثله.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلـمة، عن ابن إسحاق، قال: قالت راعيـل امرأة إطفـير العزيز: { الآنَ حَصْحَصَ الـحَقُّ }: أي الآن برز الـحقّ وتبـين، { أنا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإنَّهُ لَـمِنَ الصَّادِقِـينَ } فـيـما كان قال يوسف مـما ادّعت علـيه.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عمرو، عن أسبـاط، عن السديّ، قال: قال الـملك: ائتونـي بهنّ، فقال: { ما خَطْبُكُنَّ إذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما عَلِـمْنا عَلَـيْهَ مِنْ سُوءٍ }. ولكن امرأة العزيز أخبرتنا أنا راودته عن نفسه، ودخـل معها البـيت وحلّ سراويـله ثم شدّه بعد ذلك، فلا تدري ما بدا له. فقالت امرأة العزيز: { الآنَ حَصْحَصَ الـحَقُّ }.
حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله: { الآنَ حَصْحَصَ الـحَقُّ } تبـين.
وأصل حصحص: حَصّ ولكن قـيـل: حصحص، كما قـيـل: فكُبْكِبُوا فـي «كُبوا»، وقـيـل: «كفكف» فـي «كفّ»، و«ذْرذَر» فـي «ذَرّ». وأصل الـحصّ: استئصال الشيء، يقال منه: حَصَّ شعره: إذا استأصله جزًّا. وإنـما أريد فـي هذا الـموضع: حصحص الـحقّ: ذهب البـاطل والكذب، فـانقطع، وتبـين الـحقّ فظهر.