خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ ٱلأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَىٰ قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِن تُطِيعُواْ يُؤْتِكُمُ ٱللَّهُ أَجْراً حَسَناً وَإِن تَتَوَلَّوْاْ كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِّن قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً
١٦
لَّيْسَ عَلَى ٱلأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّٰتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَٰرُ وَمَن يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَاباً أَلِيماً
١٧
لَّقَدْ رَضِيَ ٱللَّهُ عَنِ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ ٱلشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً
١٨
وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَان ٱللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً
١٩
وَعَدَكُمُ ٱللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَـٰذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ ٱلنَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً
٢٠
وَأُخْرَىٰ لَمْ تَقْدِرُواْ عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ ٱللَّهُ بِهَا وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً
٢١
وَلَوْ قَـٰتَلَكُمُ ٱلَّذِينَ كفَرُواْ لَوَلَّوُاْ ٱلأَدْبَارَ ثُمَّ لاَ يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً
٢٢
سُنَّةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً
٢٣
وَهُوَ ٱلَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً
٢٤
-الفتح

فتح القدير

قوله: { قُل لّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ ٱلأعْرَابِ } هم المذكورون سابقاً { سَتُدْعَوْنَ إِلَىٰ قَوْمٍ أُوْلِى بَأْسٍ شَدِيدٍ } قال عطاء بن أبي رباح، ومجاهد، وابن أبي ليلى، وعطاء الخراساني: هم فارس. وقال كعب، والحسن: هم الروم. وروي عن الحسن أيضاً أنه قال: هم فارس، والروم. وقال سعيد بن جبير: هم هوازن، وثقيف. وقال عكرمة: هوازن. وقال قتادة: هوازن وغطفان يوم حنين. وقال الزهري، ومقاتل: هم بنو حنيفة أهل اليمامة أصحاب مسيلمة، وحكى هذا القول الواحدي عن أكثر المفسرين { تُقَـٰتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ } أي: يكون أحد الأمرين: إما المقاتلة، أو الإسلام لا ثالث لهما، وهذا حكم الكفار الذين لا تؤخذ منهم الجزية. قال الزجاج: التقدير: أو هم يسلمون، وفي قراءة أبيّ (أو يسلموا) أي: حتى يسلموا { فَإِن تُطِيعُواْ يُؤْتِكُمُ ٱللَّهُ أَجْراً حَسَناً } وهو الغنيمة في الدنيا، والجنة في الآخرة { وَإِن تَتَوَلَّوْاْ } أي: تعرضوا { كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مّن قَبْلُ } وذلك عام الحديبية { يُعَذّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً } بالقتل والأسر والقهر في الدنيا، وبعذاب النار في الآخرة؛ لتضاعف جرمكم. { لَّيْسَ عَلَى ٱلأعْمَىٰ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلأعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلْمَرِيضِ حَرَجٌ } أي: ليس على هؤلاء المعذورين بهذه الأعذار حرج في التخلف عن الغزو؛ لعدم استطاعتهم. قال مقاتل: عذر الله أهل الزمانة الذين تخلفوا عن المسير إلى الحديبية بهذه الآية، والحرج: الإثم { وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } فيما أمراه به ونهياه عنه { يُدْخِلْهُ جَنَّـٰتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأنْهَـرُ } قرأ الجمهور { يدخله } بالتحتية، واختار هذه القراءة أبو حاتم، وأبو عبيد، وقرأ نافع، وابن عامر بالنون { وَمَن يَتَوَلَّ يُعَذّبْهُ عَذَاباً أَلِيماً } أي: ومن يعرض عن الطاعة يعذبه الله عذاباً شديد الألم. ثم ذكر سبحانه الذين أخلصوا نياتهم، وشهدوا بيعة الرضوان، فقال: { لَّقَدْ رَضِيَ ٱللَّهُ عَنِ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ ٱلشَّجَرَةِ } أي: رضي الله عنهم وقت تلك البيعة، وهي بيعة الرضوان، وكانت بالحديبية، والعامل في { تَحْتِ } إما يبايعونك، أو محذوف على أنه حال من المفعول، وهذه الشجرة المذكورة هي شجرة كانت بالحديبية وقيل: سدرة، وكانت البيعة على أن يقاتلوا قريشاً، ولا يفرّوا. وروي أنه بايعهم على الموت، وقد تقدّم ذكر عدد أهل هذه البيعة قريباً، والقصة مبسوطة في كتب الحديث والسير. { فَعَلِمَ مَا فِى قُلُوبِهِمْ } معطوف على يبايعونك، قال الفراء: أي: علم ما في قلوبهم من الصدق والوفاء. وقال قتادة، وابن جريج: من الرضى بأمر البيعة على أن لا يفرّوا. وقال مقاتل: من كراهة البيعة على الموت { فَأنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ } معطوف على رضي، والسكينة: الطمأنينة وسكون النفس، كما تقدّم، وقيل: الصبر { وَأَثَـٰبَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً } هو فتح خيبر عند انصرافهم من الحديبية، قاله قتادة، وابن أبي ليلى، وغيرهما، وقيل: فتح مكة، والأوّل أولى. { وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا } أي: وأثابكم مغانم كثيرة، أو وآتاكم، وهي غنائم خيبر، والالتفات لتشريفهم بالخطاب { وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً } أي: غالباً مصدراً أفعاله وأقواله على أسلوب الحكمة. { وَعَدَكُمُ ٱللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا } في هذا وعد منه سبحانه لعباده المؤمنين بما سيفتحه عليهم من الغنائم إلى يوم القيامة يأخذونها في أوقاتها التي قدّر وقوعها فيها { فَعَجَّلَ لَكُمْ هَـٰذِهِ } أي: غنائم خيبر، قاله مجاهد وغيره، وقيل: صلح الحديبية { وَكَفَّ أَيْدِىَ ٱلنَّاسِ عَنْكُمْ } أي: وكفّ أيدي قريش عنكم يوم الحديبية بالصلح، وقيل: كفّ أيدي أهل خيبر، وأنصارهم عن قتالكم، وقذف في قلوبهم الرعب. وقال قتادة: كفّ أيدي اليهود عن المدينة بعد خروج النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى الحديبية، وخيبر، ورجح هذا ابن جرير، قال: لأن كف أيدي الناس بالحديبية مذكور في قوله: { وَهُوَ ٱلَّذِى كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ } وقيل: كَفَّ أَيْدِيَهُمْ ٱلنَّاسِ عَنْكُمْ يعني: عيينة بن حصن الفزاري، وعوف بن مالك النضري ومن كان معهما، إذ جاءوا لينصروا أهل خيبر عند حصار النبيّ صلى الله عليه وسلم لهم { وَلِتَكُونَ ءايَةً لّلْمُؤْمِنِينَ } اللام يجوز أن تتعلق بفعل محذوف يقدّر بعده، أي: فعل ما فعل من التعجيل والكفّ؛ لتكون آيةً، أو على علة محذوفة تقديرها: وعد فعجل وكفّ؛ لتنتفعوا بذلك؛ ولتكون آية. وقيل: إن الواو مزيدة، واللام لتعليل ما قبله، أي: وكفّ لتكون؛ والمعنى: ذلك الكفّ آية يعلم بها صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم في جميع ما يعدكم به { وَيَهْدِيَكُمْ صِرٰطاً مُّسْتَقِيماً } أي: يزيدكم بتلك الآية هدى، أو يثبتكم على الهداية إلى طريق الحقّ { وَأُخْرَىٰ لَمْ تَقْدِرُواْ عَلَيْهَا } معطوف على هذه، أي: فعجل لكم هذه المغانم، ومغانم أخرى لم تقدروا عليها، وهي الفتوح التي فتحها الله على المسلمين من بعد كفارس والروم ونحوهما، كذا قال الحسن، ومقاتل، وابن أبي ليلى، وقال الضحاك، وابن زيد، وابن أبي إسحاق: هي خيبر وعدها الله نبيه قبل أن يفتحها، ولم يكونوا يرجونها، وقال قتادة: فتح مكة، وقال عكرمة: حنين، والأوّل أولى { قَدْ أَحَاطَ ٱللَّهُ بِهَا } صفة ثانية لأخرى. قال الفراء: أحاط الله بها لكم حتى تفتحوها وتأخذوها، والمعنى: أنه أعدّها لهم، وجعلها كالشيء الذي قد أحيط به من جميع جوانبه، فهو محصور لا يفوت منه شيء، فهم وإن لم يقدروا عليها في الحال فهي محبوسة لهم لا تفوتهم، وقيل: معنى { أحاط }: علم أنها ستكون لهم { وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلّ شَىْء قَدِيراً } لا يعجزه شيء، ولا تختصّ قدرته ببعض المقدورات دون بعض. { وَلَوْ قَـٰتَلَكُمُ ٱلَّذِينَ كفَرُواْ لَوَلَّوُاْ ٱلأدْبَـٰرَ } قال قتادة: يعني: كفار قريش بالحديبية، وقيل: أسد وغطفان الذين أرادوا نصر أهل خيبر، والأوّل أولى. { ثُمَّ لاَ يَجِدُونَ وَلِيّاً } يواليهم على قتالكم { وَلاَ نَصِيراً } ينصرهم عليكم. { سُنَّةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِى قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ } أي: طريقته وعادته التي قد مضت في الأمم من نصر أوليائه على أعدائه، وانتصاب { سنة } على المصدرية بفعل محذوف، أي: بيّن الله سنة الله، أو هو مصدر مؤكد لمضمون الجملة المتقدّمة { وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً } أي: لن تجد لها تغييراً، بل هي مستمرّة ثابتة { وَهُوَ ٱلَّذِى كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ } أي: كفّ أيدي المشركين عن المسلمين، وأيدي المسلمين عن المشركين لما جاءوا يصدّون رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن معه عن البيت عام الحديبية، وهي المراد ببطن مكة. وقيل: إن ثمانين رجلاً من أهل مكة هبطوا على النبيّ من قبل جبل التنعيم متسلحين يريدون غرّة النبي صلى الله عليه وسلم، فأخذهم المسلمون، ثم تركوهم. وفي الرواية اختلاف سيأتي بيانه آخر البحث إن شاء الله { وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً } لا يخفى عليه من ذلك شيء.

وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس في قوله: { أُوْلِى بَأْسٍ شَدِيدٍ } يقول: فارس. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة أنهم الأكراد. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: فارس، والروم. وأخرج الفريابي، وابن مردويه عنه قال: هوازن، وبني حنيفة. وأخرج الطبراني، قال السيوطي: بسند حسن عن زيد بن ثابت قال: كنت أكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وإني لواضع القلم على أذني إذ أمر بالقتال إذ جاء أعمى، فقال: كيف لي وأنا ذاهب البصر؟ فنزلت { لَّيْسَ عَلَى ٱلاْعْمَىٰ حَرَجٌ } الآية. قال: هذا في الجهاد، وليس عليهم من جهاد إذا لم يطيقوا. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن سلمة بن الأكوع قال: بينا نحن قائلون إذ نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيها الناس البيعة البيعة نزل روح القدس، فثرنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو تحت شجرة سمرة، فبايعناه، فذلك قول الله تعالى: { لَّقَدْ رَضِيَ ٱللَّهُ عَنِ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ ٱلشَّجَرَةِ } فبايع لعثمان إحدى يديه على الأخرى، فقال الناس: هنيئًا لابن عفان يطوف بالبيت، ونحن ها هنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو مكث كذا وكذا سنة ما طاف حتى أطوف" . وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن نافع قال: بلغ عمر بن الخطاب أن ناساً يأتون الشجرة التي بويع تحتها، فأمر بها فقطعت. وأخرج البخاري عن سلمة بن الأكوع قال: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة، قيل: على أي شيء كنتم تبايعونه يومئذ؟ قال: على الموت. وأخرج مسلم، وغيره عن جابر قال: بايعناه على أن لا نفرّ، ولم نبايعه على الموت. وأخرج أحمد، وأبو داود، والترمذي عن جابر، عن النبي قال: "لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة" . وأخرج مسلم من حديثه مثله. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس { فَأنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ } قال: إنما أنزلت السكينة على من علم منه الوفاء. وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عنه { فَعَجَّلَ لَكُمْ هَـٰذِهِ } يعني: الفتح. وأخرج ابن مردويه عنه أيضاً { فَعَجَّلَ لَكُمْ هَـٰذِهِ } يعني: خيبر { وَكَفَّ أَيْدِىَ ٱلنَّاسِ عَنْكُمْ } يعني: أهل مكة أن يستحلوا حرم الله، ويستحلّ بكم وأنتم حرم { وَلِتَكُونَ ءايَةً لّلْمُؤْمِنِينَ } قال: سنة لمن بعدكم. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل عنه أيضاً في قوله: { وَأُخْرَىٰ لَمْ تَقْدِرُواْ عَلَيْهَا } قال: هذه الفتوح التي تفتح إلى اليوم. وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عنه أيضاً { وَأُخْرَىٰ لَمْ تَقْدِرُواْ عَلَيْهَا } قال: هي خيبر. وأخرج ابن أبي شيبة، وأحمد، وعبد بن حميد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل عن أنس قال: لما كان يوم الحديبية، هبط على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ثمانون رجلاً من أهل مكة في السلاح من قبل جبال التنعيم يريدون غرّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا عليهم فأخذوا فعفا عنهم، فنزلت هذه الآية: { وَهُوَ ٱلَّذِى كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ }. وفي صحيح مسلم، وغيره: أنها نزلت في نفر أسرهم سلمة بن الأكوع يوم الحديبية. وأخرج أحمد، والنسائي، والحاكم وصححه، وابن مردويه، وأبو نعيم في الدلائل في سبب نزول الآية: أن ثلاثين شاباً من المشركين خرجوا يوم الحديبية على المسلمين في السلاح، فثاروا في وجوههم، فدعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ الله بأسماعهم ـ ولفظ الحاكم ـ بأبصارهم، فقام إليهم المسلمون فأخذوهم، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هل جئتم في عهد أحد، أو هل جعل لكم أحد أماناً" ؟ فقالوا: لا، فخلى سبيلهم، فنزلت هذه الآية.