شرح الكلمات:
بيّنة: أي بحجة وبرهان على صحة ما تدعونا إليه من عبادة الله وحده.
وما نحن بتاركي آلهتنا: أي عبادة آلهتنا لأجل قولك إنها لا تستحق أن تعبد.
إلاّ اعتراك: أي أصابك.
بسوء: أي بِخَبَل فأنت تهذي وتقول ما لا يقبل ولا يعقل.
ثم لا تنظرون: أي لا تمهلون.
آخذ بناصيتها: أي مالكها وقاهرها ومتصرف فيها. فلا تملك نفعا ولا ضراً إلا بإِذنه.
إن ربي على صراط مستقيم: أي على طريق الحق والعدل.
فإِن تولوا: أصلها تتولوا فعل مضارع حذفت منه إحدى التائين ومعناه تُدبروا.
على كل شيء حفيظ: أي رقيبٌ ولا بد انه يجزي كل نفس بما كسبت.
معنى الآيات:
ما زال السياق في قصة هود مع قومه إذ أخبر تعالى عن قيل قوم هود إلى هود فقال {قَالُواْ يٰهُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ} أي بحجة أو برهان على صحة ما تدعونا إليه من عبادة الله وترك عبادة آلهتنا والاعتراف بنبوتك {وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِيۤ آلِهَتِنَا} أي عبادتها {عَن قَوْلِكَ} أي من أجل قولك أنها لا تستحق أن تعبد لكونها لا تنفع ولا تضر، {وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ} أي بمتابعين لك على دينك ولا مصدقين لك فيما تقول {إِن نَّقُولُ إِلاَّ ٱعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوۤءٍ} أي ما نجد ما نقول فيك إلا أن بعض آلهتنا التي تسبها وتشتمها قد أصابتك بسوء بخبل وجنون فأنت تهذر وتهذي ولا تدري ما تقول. فأجابهم قائلا {إِنِّيۤ أُشْهِدُ ٱللَّهَ وَٱشْهَدُوۤاْ أَنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ} فأعلن براءته في وضوح من آلهتهم وأنه لا يخافها إبطالا لدعواهم أنَّها أصابته بسوء، وأعلمهم أنه يشهد الله على ذلك، ثم أمرهم أن يشهدوا هم كذلك. وقوله {مِن دُونِهِ} أي من دون الله من سائر الآلهة والشركاء ثم تحداهم مستخفا بهم بآلهتهم، فقال {فَكِيدُونِي جَمِيعاً} أي احتالوا على ضري ثم لا تنظرون أي لا تؤخرون ولا تمهلون، ثم كشف لهم عن مصدر قوته وهو توكله على ربّه فقال {إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى ٱللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ} أي فوضت أمري إليه وجعلت كل ثقتي فيه فهو لا يسلمني إليكم ولا يخذلني بينكم. ثم أعلمهم بإِحاطة قدرة الله بهم وقهره لهم فقال {مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَآ} أي قاهر لها متحكم فيها يقودها حيث شاء وينزل بها من العذاب ما يشاء، ثم أعلمهم أن ربّه تعالى على طريق العدل والحق فلا يُسلط أعداءه على أوليائه، فقال {إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} فلذا أنا لست بخائف ولا وجل ثم قال لهم {فَإِن تَوَلَّوْاْ} أي فإِن تدبروا عن الحق وتعرضوا عنه فغير ضائري ذلك إذ أبلغتكم ما أرسلني به ربي إليكم وسيهلككم ويستخلف قوما غيركم، ولا تضروه شيئا من الضرر لا قليلا ولا كثيراً {إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ} أي رقيب، وسيجزي كلا بما كسب بعدله ورحمته. وله الحمد والمنة.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
1- بيان مدى مجاحدة ومكابرة المشركين في كل زمان ومكان.
2- تشابه الفكر الشركي وأحوال المشركين إذ قول قوم هود {إِن نَّقُولُ إِلاَّ ٱعْتَرَاكَ}.. الخ. يردده جهلة السلمين وهو فلان ضربه الولي الفلاني.
3- مواقف أهل الإِيمان واحدة فما قال نوح لقومه متحدياً لهم قاله هود لقومه.
4- تقرير مبدأ أن كل شيء في الكون خاضع لتدبير الله لا يخرج عما أراده له أو به.