خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً
١٣
ٱقْرَأْ كِتَٰبَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ ٱلْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً
١٤
مَّنِ ٱهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولاً
١٥
وَإِذَآ أَرَدْنَآ أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا ٱلْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً
١٦
وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ ٱلْقُرُونِ مِن بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرَاً بَصِيراً
١٧
-الإسراء

أيسر التفاسير

شرح الكلمات:
طائره: أي عمله وما قدر له من سعادة وشقاء.
في عنقه: أي ملازم له لا يفارقه حتى يفرغ منه.
عليك حسيبا: أي كفى نفسك حاسباً عليك.
ولا تزر وازرة وزر أخرى: أي لا تحمل نفس آثمة إثم نفس أخرى.
مترفيها: منعميها من أغنياء ورؤساء.
فحق عليها القول: أي بالعذاب.
وكم أهلكنا: أي أهلكنا كثيراً.
من القرون: أي من أهل القرون السابقة.
خبيراً بصيراً: أي عليماً بصيراً بذنوب العباد.
معنى الآيات:
يخبر تعالى أنه عز وجل لعظيم قدرته، وسعة علمه، وحكمته في تدبيره ألزم كل إنسان ما قضى به له من عمل وما يترتب على العمل من سعادة أو شقاء في الدارين، الزمه ذلك بحيث لا يخالفه ولا يتأخر عنه بحال حتى كأنه مربوط بعنقه. هذا معنى قوله تعالى: { وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ }. وقوله تعالى: { وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً } أي وفي يوم القيامة يخرج الله تعالى لكل إنسان كتاب عمله فيلقاه منشوراً أي مفتوحاً أمامه. ويقال له: إقرأ كتابك الذي أحصى لك عملك كله فلم يغادر منه صغيرة ولا كبيرة. وقوله: { كَفَىٰ بِنَفْسِكَ ٱلْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً } أي يكفيك نفسك حاسباً لأعمالك محصياً لها عليك أيها الإنسان. وقوله تعالى: { مَّنِ ٱهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ }، أي بعد هذا الإعلام والبيان ينبغي أن يعلم أن من اهتدى اليوم فآمن بالله ورسوله، ولقاء الله، ووعده ووعيده وعمل صالحاً وتخلّى عن الشرك والمعاصي فإنما عائد ذلك له، هو الذي ينجو من العذاب، ويسعد في دار السعادة، وإن من ضل طريق الهدى فكذب ولم يؤمن، وأشرك ولم يوحِّد، وعصى ولم يطع فإن ذلك الضلال عائد عليه، هو الذي يشقى به ويعذب في جهنم دار العذاب والشقاء. وقوله { وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ } الوزر الإثم والذنب والوازرة الحاملة له لتؤخذ به ومعنى الكلام ولا تحمل يوم القيامة نفس آثمة إثم نفس أخرى، بل كل نفس تتحمل مسئوليتها بنفسها، والكلام تقرير لقوله: { مَّنِ ٱهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا }. وقوله تعالى: { وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولاً } أي لم يكن من شأن الله تعالى وهو العدل الرحيم أن يهلك أمة بعذاب إبادة واستئصال قبل أن يبعث فيها رسولاً يعرفها بربها وبمحابه ومساخطه، ويأمرها بفعل المحارب وترك المساخط التي هي الشرك والمعاصي. وقوله تعالى: { وَإِذَآ أَرَدْنَآ أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً } أي أهل قرية { أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا } أي أمرنا منعميها من أغنياء ورؤساء وأشراف من أهل الحل والعقد أمرناهم بطاعتنا بإقامة الشرع وأداء الفرائض والسنن واجتناب كبائر الإثم والفواحش فلم يستجيبوا للأمر ولا للنهي وهو معنى { فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا ٱلْقَوْلُ } أي وجب عليها العذاب { فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً } أي أهلكناها إهلاكاً كاملاً، وهذا الكلام بيان لقوله تعالى: { وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولاً } إذ الرسول يأمر وينهى بإذن الله تعالى فإن لم يُطَعْ استوجب الناس العذاب فعذبوا. وقوله تعالى: { وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ ٱلْقُرُونِ مِن بَعْدِ نُوحٍ } هو تقرير لهذا الحكم أيضاً إذ علمنا تعالى أن ما أخبر به كان واقعاً بالفعل فكثيراً من الأمم أهلكها من بعد هلاك قوم نوح كعاد وثمود وقوم لوط وأصحاب الأيكة وآل فرعون.. وقوله: { وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرَاً بَصِيراً }: فإن القول وإن تضمَّن علم الله تعالى بذنوب عباده فإن معناه الوعيد الشديد والتهديد الأكيد، فإنه تعالى لا يرضى باستمرار الجرائم والآثام إنه يمهل لعل القوم يستفيقون، لعل الفساق يكفون، ثم إذا استمروا بعد الإعلام إليهم والتنديد بذنوبهم والتخويف بظلمهم يأخذهم أخذ عزيز مقتدر. ألا فليحذر ذلك المصرون على الشرك والمعاصي!!
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- تقرير عقيدة القضاء والقدر.
2- تقرير عقيدة البعث والجزاء.
3- تقرير العدالة الإِلهية يوم القيامة فلا تظلم نفس شيئاً.
4- بيان سنة الله تعالى في إهلاك الأمم غير أنها لا تهلك إلا بعد الإِنذار والإِعذار إليها.
5- التحذير من كثرة التنعم والترف فإنه يؤدي إلى الفسق بترك الطاعة ثم يؤدي الفسق إلى الهلاك والدمار.