خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يٰمُوسَىٰ
٤٩
قَالَ رَبُّنَا ٱلَّذِيۤ أَعْطَىٰ كُلَّ شَيءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ
٥٠
قَالَ فَمَا بَالُ ٱلْقُرُونِ ٱلأُولَىٰ
٥١
قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لاَّ يَضِلُّ رَبِّي وَلاَ يَنسَى
٥٢
ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ مَهْداً وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّن نَّبَاتٍ شَتَّىٰ
٥٣
كُلُواْ وَٱرْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لأُوْلِي ٱلنُّهَىٰ
٥٤
مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ
٥٥
-طه

أيسر التفاسير

شرح الكلمات:
أعطى كل شيء خلقه: أي خلقه الذي هو عليه متميز به عن غيره.
ثم هدى: أي الحيوان منه إلى طلب مطعمه ومشربه ومسكنه ومنكحه.
قال فما بال القرون الأولى: أي قال فرعون لموسى ليصرفه عن ادلائه بالحجج حتى لا يفتضح فما بال القرون الأولى كقوم نوح وعاد وثمود في عبادتهم الأوثان؟
قال علمها عند ربي: أي علم أعمالهم وجزائهم عليها عند ربي دعنا من هذا فإنه لا يعنينا.
في كتاب لا يضل ربي: أي أعمال تلك الأمم في كتاب محفوظ عند ربي وسيجزيهم بأعمالهم إن ربي لا يخطىء ولا ينسى فإن عذب أو أخر العذاب فإن ذلك لحكمة اقتضت منه ذلك.
مهاداً وسلك لكم فيها سبلاً: مهاداً، فراشاً وسلك: سهل، وسبلاً طرقاً.
أزواجاً من نبات شتى: أزواجاً: أصنافاً: شتى: مختلفة الألوان والطعوم.
إن في ذلك لآيات: لدلائل واضحات على قدرة الله وعلمه وحكمته ورحمته.
لأولي النهى: أي أصحاب العقول لأن النُهية العقل وسمي نهية لأنه ينهى صاحبه عن ارتكاب القبائح كالشرك والمعاصي.
منها خلقناكم: أي من الأرض وفيها نعيدكم بعد الموت ومنها نخرجكم عند البعث يوم القيامة.
تارة أخرى: أي مرة أخرى إذ الأولى كانت خلقاً من طين الأرض وهذه إخراجاً من الأرض.
معنى الآيات:
السياق الكريم في الحوار الذي دار بين موسى عليه السلام وفرعون إذ وصل موسى وأخوه إلى فرعون ودَعَوَاهُ إلى الله تعالى ليؤمن به ويعبده وبأسلوب هادئ لين كما أمرهما الله تعالى: فقالا له:
{ وَٱلسَّلاَمُ عَلَىٰ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلْهُدَىٰ إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَآ أَنَّ ٱلْعَذَابَ عَلَىٰ مَن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ } [طه: 47-48] ولم يقولا له لا سلام عليك، ولا أنت مكذب ومعذب. وهنا قال لهما فرعون ما أخبر به تعالى في قوله: { قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يٰمُوسَىٰ }؟ أفرد اللعين موسى بالذكر لإدلائه عليه بنعمة التربية في بيته ولأنه الرسول الأول فأجابه موسى بما أخبر تعالى به بقوله: { رَبُّنَا ٱلَّذِيۤ أَعْطَىٰ كُلَّ شَيءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ } أي كل مخلوق خلقه الذي هو عليه متميز به من شكل ولون وصفة وذات ثم هدى الأحياء من مخلوقاته إلى طلب رزقها من طعام وشراب، وطلب بقائها بما سن لها وهداها إليه من طرق التناسل إبقاء لأنواعها. وهنا وقد أفحم موسى فرعون وقطع حجته بما ألهمه الله من علم وبيان قال فرعون صارفاً موسى عن المقصود خشية الفضيحة من الهزيمة أمام ملائه قال: { فَمَا بَالُ ٱلْقُرُونِ ٱلأُولَىٰ } أخبرنا عن قوم نوح وهود وصالح وقد كانوا يعبدون الأوثان. وعرف موسى أن اللعين يريد صرفه عن الحقيقة فقال له ما أخبر تعالى به في قوله: { عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لاَّ يَضِلُّ رَبِّي وَلاَ يَنسَى } فإن ما سألت عنه لا يعنينا فعلم حال تلك الأمم الخالية عند ربي في لوح محفوظ عنده وسيجزيها بعملها، وما عجل لها من العقوبة أو أخر إنما لحكمة يعلمها فإن ربي لا يخطئ ولا ينسى وسيجزي كلاً بكسبه. ثم أخذ موسى يصف ربه ويعرفهم به وهي فرصة سنحت فقال { ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ مَهْداً } أي فراشاً مبسوطة للحياة عليها { وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً } أي سهل لكم للسير عليا طرقا تمكنكم من الوصول إلى حاجاتكم فوقها، { وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً } وهو المطر المكون للأنهار والمغذي الممد للآبار. هذا هو ربي وربكم فاعرفوه واعبدوه ولا تعبدوا معه سواه. وقوله تعالى: { فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّن نَّبَاتٍ شَتَّىٰ } أي بالمطر أزواجاً أي أصنافاً من نباتٍ شتى أي مختلفة الألوان والطعوم والروائح والخصائص. كان هذا من قول الله تعالى تتميماً لكلام موسى وتذكيراً لأهل مكة المتجاهلين لله وحقه في التوحيد. وقوله: { كُلُواْ وَٱرْعَوْا أَنْعَامَكُمْ } أي مما ذكرنا لكم من أزواج النبات وارعوا إبلكم وأغنامكم وسائر بهائمكم واشكروا لنا هذا الإِنعام بعبادتنا وترك عبادة غيرنا. وقوله تعالى: { إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لأُوْلِي ٱلنُّهَىٰ } أي إن في ذلك المذكور من إنزال المطر وإنبات النبات لتغذية الإِنسان والحيوان لدلالات على قدرة الله وعلمه وحكمته ورحمته وأنه بذلك مستحق للعبادة دون سواه إلا أن هذه الدلائل لا يعقلها إلا أصحاب العقول وذوو النهى فهم الذي يستدلون بها علم معرفة الله ووجوب عبادته وترك عبادة غيره. وقوله تعالى: { مِنْهَا } أي من الأرض التي فيها حياة النبات والحيوان خلقناكم أي بخلق أصلكم الأول وهو آدم، وفيها نعيدكم بالموت فتقبرون أحياء للحساب والجزاء بالنعيم المقيم أو العذاب المهين بحسب صفات نفوسكم فذو النفس الطاهرة ينعم وذو النفس الخبيثة من الشرك والمعاصي يعذب.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- تعين إجابة السائل ولتكن بالعلم الصحيح النافع.
2- تقرير مبدأ من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه.
3- تنزه الرب تعالى عن الخطأ والنسيان.
4- الاستدلال بالآيات الكونية على الخالق عزوجل وقدرته وألوهيته.
5- احترام العقول وتقديرها لأنها تعقل صاحبها دون الباطل والشر.
6- تسمية العقل نهية لأنه ينهى صاحبه عن القبائح.