خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ آتَيْنَآ إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ
٥١
إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَـٰذِهِ ٱلتَّمَاثِيلُ ٱلَّتِيۤ أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ
٥٢
قَالُواْ وَجَدْنَآ آبَآءَنَا لَهَا عَابِدِينَ
٥٣
قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُمْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ
٥٤
قَالُوۤاْ أَجِئْتَنَا بِٱلْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ ٱللاَّعِبِينَ
٥٥
قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ ٱلَّذِي فطَرَهُنَّ وَأَنَاْ عَلَىٰ ذٰلِكُمْ مِّنَ ٱلشَّاهِدِينَ
٥٦
وَتَٱللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَن تُوَلُّواْ مُدْبِرِينَ
٥٧
فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً إِلاَّ كَبِيراً لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ
٥٨
-الأنبياء

أيسر التفاسير

شرح الكلمات:
رشده: أي هداه بمعرفة ربّه والإِيمان به ووجوب طاعته والتقرب إليه.
التماثيل: جمع تمثال وهو الصورة المصنوعة على شبه إنسان أو حيوان.
التي أنتم لها عاكفون: أي مقبلون عليها ملازمون لها تعبداً.
أم أنت من اللاعبين: أي الهازلين غير الجادين فيما يقولون أو يفعلون.
ربكم رب السماوات: أي المستحق للعبادة مالك السماوات والأرض.
الذي فطرهن: أي أنشأهن خلقاً وإيجاداً على غير مثال سابق.
لأكيدن أصنامكم: أي لأحتالن على كسر أصنامكم وتحطيمها.
جذاذاً: فتاتاً وقطعاً صغيرة.
إلا كبيراً لهم: إلا أكبر صنم لهم فإنه لم يكسره.
لعلهم إليه يرجعون: كي يرجعوا إليه فيؤمنوا بالله ويوحّدوه بعد أن يظهر لهم عجز آلهتهم.
معنى الآيات:
على ذكر ما منّ به تعالى على موسى وهارون ومحمد صلى الله عليه وسلم من إيتائه إياهم التوراة والقرآن ذكر أنه امتن قبل ذلك على إبراهيم فآتاه رشده في صباه فعرفه به وبجلاله وكماله ووجوب الإِيمان به تعالى وعبادته وحده، وإن عبادة من سواه باطلة، فقال تعالى: { وَلَقَدْ آتَيْنَآ إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ } وقوله: { وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ } أي بأهليته للدعوة والقيام بها لما علمناه { إِذْ قَالَ } أي في الوقت الذي قال لأبيه أي آزر، وقومه منكراً عليهم عبادة غير الله { مَا هَـٰذِهِ ٱلتَّمَاثِيلُ ٱلَّتِيۤ أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ } أي مقبلون عليها ملازمون لها فأجابوه بما أخبر تعالى به عنهم في قوله: { قَالُواْ وَجَدْنَآ آبَآءَنَا لَهَا عَابِدِينَ } فأعلنوا عن جهلهم إذ لم يذكروا برهاناً على صحة أو فائدة عبادتها واكتفوا بالتقليد الأعمى وشأنهم في هذا شأن سائر من يعبد غير الله تعالى فإنه لا برهان له على صحة عبادة من يعبد إلا التقليد لمن رآه يعبده.
فرد عليهم إبراهيم بما أخبر تعالى عنه في قوله { قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُمْ } أي الذين قلدتموهم في عبادة الأصنام { فِي ضَلاَلٍ } أي عن الهدى الذي يجب أن تكونوا عليه { مُّبِينٍ } لا يحتاج إلى إقامة دليل عليه، وردوا على إبراهيم قوله هذا فقالوا بما أخبر تعالى به عنهم { قَالُوۤاْ أَجِئْتَنَا بِٱلْحَقِّ } أي فيما قلت لنا من أنَّا وآباءنا في ضلال مبين { أَمْ أَنتَ مِنَ ٱللاَّعِبِينَ } أي في قولك الذي قلت لنا فلم تكن جاداً فينا تقول وإنما أنت لاعب لا غير ورد إبراهيم عليهم بما أخبر تعالى به عنه في قوله: { قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ ٱلَّذِي فطَرَهُنَّ وَأَنَاْ عَلَىٰ ذٰلِكُمْ مِّنَ ٱلشَّاهِدِينَ } أي ليس ربكم تلك التماثيل بل ربكم الحق الذي يستحق عبادتكم الذي فطر السماوات والأرض فأنشأهن خلقاً عجيباً من غير مثال سابق وأنا على كون ربكم رب السماوات والأرض من الشاهدين إذ لا رب لكم غيره، ولا إله حق لكم سواه، { وَتَٱللَّهِ } قسماً به تعالى { لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ } أي لأحتالن عليها فأكسرها { بَعْدَ أَن تُوَلُّواْ مُدْبِرِينَ } أي بعد أن ترجعوا عنها وتتركوها وحدها.
وفعلاً لما خرجوا إلى عيد لهم يقضون يوماً خارج المدينة أتى تلك التماثيل فكسرها فجعلها قطعاً متناثرة هنا وهناك إلا صنماً كبيراً لهم تركه { لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ } أي يرجعون إلى إبراهيم فيعبدون معه ربّه سبحانه وتعالى عندما يتبيّنُ لهم بطلان عبادة الأصنام لأنها لم تستطع أن تدفع عن نفسها فكيف تدفع عن غيرها.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
1- مظاهر إنعام الله وإكرامه لمن اصطفى من عباده.
2- تقرير النبوة والتوحيد، والتنديد بالشرك والمشركين.
3- ذم التقليد وأنه ليس بدليل ولا برهان للمقلد على ما يعتقد أو يفعل.
4- مشروعية الشهادة وفضلها في مواطن تعز فيها ويحتاج إليها.
5- تغيير المنكر باليد لمن قدر عليه مقدم على تغييره باللسان والجمع بينهما أفضل.