خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَاتِ وَٱعْمَلُواْ صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ
٥١
وَإِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فَٱتَّقُونِ
٥٢
فَتَقَطَّعُوۤاْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ
٥٣
فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّىٰ حِينٍ
٥٤
أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ
٥٥
نُسَارِعُ لَهُمْ فِي ٱلْخَيْرَاتِ بَل لاَّ يَشْعُرُونَ
٥٦
-المؤمنون

أيسر التفاسير

شرح الكلمات:
كلوا من الطيبات: أي من الحلال.
واعملوا صالحاًَ: أي بأداء الفرائض وكثير من النوافل.
وإن هذه أمتكم: أي ملتكم الإِسلامية.
فاتقون: أي بامتثال أمري واجتناب نهيي.
فتقطعوا أمرهم: أي اختلفوا في دينهم فأصبحوا طوائف هذه يهودية وتلك نصرانية.
في غمرتهم: أي في ضلالتهم.
نسارع لهم: أي نعجل.
بل لا يشعرون: أن ذلك استدراج منا لهم.
معنى الآيات:
بعد أن أكرم الله تعالى عيسى ووالدته بما أكرمهما به من إيوائهما إلى ربوة ذات قرار ومعين خاطب عيسى عبده ورسوله قائلاً: { يٰأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَاتِ } أي الحلال فكان عيسى عليه السلام يأكل من غزل أمه إذا كانت تغزل الصوف بأجرة فكانا يأكلان من ذلك أكلا من الطيب كما أمرهما الله تعالى وقوله: { وَٱعْمَلُواْ صَالِحاً } كلوا من الحلال واعملوا صالحاً بأداء الفرائض والإِكثار من النوافل، وقوله: { إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } فيه وعد بأن الله تعالى سيثيبهم على ما يعلمون من الصالحات. وقوله: { وَإِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فَٱتَّقُونِ } أعلمهم أن ملتهم وهي الدين الإِسلامي دين واحد فلا ينبغي الاختلاف فيه واعلمهم أيضاً أنه ربهم أي مالك أمرهم والحاكم عليهم فليبتغوه بفعل ما أمرهم به وترك ما نهاهم عنه، لينجوا من عذابه ويظفروا برحمته ودخول جنته.
وقوله تعالى: { فَتَقَطَّعُوۤاْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ } أي دينهم { زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } أي فرقوا دينهم فرقاً فذهبت كل فرقة بقطعة منه وقسموا الكتاب إلى كتب فهذه يهودية وهذه نصرانية واليهودية فرق والنصرانية فرق والإِنجيل أصبح أناجيل متعددة وصارت كل جماعة فرحة بما عندها مسرورة به لا ترى الحق إلاَّ فيه.. { كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } وهنا أمر الله رسوله أن يتركهم في غمرة ضلالتهم إلى حين أن ينزل بهم ما قضى به الرب تعالى على أهل الاختلاف في دينه { فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّىٰ حِينٍ } إذ قال له في سورة الأنعام
{ إِنَّ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ } [الآية: 159] وفيه من التهديد ما فيه. وهذا الذي نعاه تعالى على تلك الأمم قد وقعت فيه أمة الإِسلام فاختلفوا في دينهم مذاهب وطرقاً عديدة، وياللأسف وقد حلت بهم المحن ونزل بهم البلاء نتيجة ذلك الخلاف. وقوله: { أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ } مع اختلافهم وانحرافهم مسارعة لهم منا في الخيرات لا بل ذلك استدراج لهم ليهلكوا ولكنهم لا يشعرون بذلك. لشدة غفلتهم واستيلاء غمرة الضلالة عليهم.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- وجوب الأكل من الحلال، ووجوب الشكر بالطاعة لله ورسوله.
2- الإِسلام دين البشرية جمعاء ولا يحل الاختلاف فيه بل يجب التمسك به وترك ما سواه.
3- حرمة الاختلاف في الدين وأنه سبب الكوارث والفتن والمحن.
4- إذا انحرفت الأمة عن دين الله، ثم رزقت المال وسعة العيش كان ذلك استدراجاً لها، ولم يكن إكراماً من الله لها دالاً على رضى ربها عنها بل ما هو إلا فتنة ليس غير.