خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

مَثَلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوْلِيَآءَ كَمَثَلِ ٱلْعَنكَبُوتِ ٱتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ ٱلْبُيُوتِ لَبَيْتُ ٱلْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ
٤١
إِنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
٤٢
وَتِلْكَ ٱلأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَآ إِلاَّ ٱلْعَالِمُونَ
٤٣
خَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ
٤٤
ٱتْلُ مَا أُوْحِيَ إِلَيْكَ مِنَ ٱلْكِتَابِ وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ إِنَّ ٱلصَّلاَةَ تَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ
٤٥
-العنكبوت

أيسر التفاسير

شرح الكلمات:
مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء: أي صفة وحال الذين اتخذوا أصناماً يرجون نفعها.
كمثل العنكبوت اتخذت بيتاً: أي لنفسها تأوي إليه.
أوهن البيوت: أضعف البيوت وأقلها جدوى.
يعلم ما يدعون من دونه من شيء: أي من الأوثان والأصنام وغيرها.
وهو العزيز الحكيم: أي الغالب على أمره الحكيم في تدبير أمور خلقه.
وما يعقلها إلا العالمون: أي العالمون بالله وآياته وأحكام شرعه وأسراره.
خلق الله السماوات والأرض بالحق: أي من أجل أن يعبد لا للهو ولا لباطل.
أتل ما أوحي إليك من الكتاب: اقرأ يا رسولنا ما أنزل إليك من القرآن.
وأقم الصلاة: بأدائها مقامة مراعى فيها شروطها وأركانها وواجباتها وسننها.
تنهى عن الفحشاء والمنكر: أي الصلاة بما توجده من نور في قلب العبد يصبح به لا يقدر على فعل فاحشة ولا إتيان منكر.
ولذكر الله أكبر: أي ذكر الله عبده أكبر من ذكر العبد ربه كما أن ذكر الله أكبر في النهي عن الفحشاء والمنكر من الصلاة وغيرهما.
معنى الآيات:
بعد أن ذكر تعالى نقمته على أعدائه الذين كفروا به وأشركوا غيره في عبادته وكذبوا رسله وكان ذلك تنبيهاً وتعليماً للمشركين والكافرين المعاصرين لنزول القرآن لعلهم يستجيبون للدعوة المحمدية فيؤمنوا ويوحدوا ويسلموا من العذاب والخسران. ذكر هنا في هذه الآيات مثلاً لعبادة الأوثان في عدم نفعها لعابديها والقصد هو تقرير التوحيد، وإبطال الشرك العائق عن كمال الإِنسان وسعادته وقال تعالى: { مَثَلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ } أي شركاء وهي الأصنام والأوثان يعبدونها راجين نفعها وشفاعتها لهم عند الله تعالى { كَمَثَلِ ٱلْعَنكَبُوتِ ٱتَّخَذَتْ بَيْتاً } لتأوي إليه قصد وقايتها مما تخاف من جراء برد أو اعتداء حشرة عليها، { وَإِنَّ أَوْهَنَ ٱلْبُيُوتِ لَبَيْتُ ٱلْعَنكَبُوتِ } والحال أن أوهن البيوت أي أضعفها وأحقرها شأناً وأقلها مناعة هو بيت العنكبوت فهذه حال المشركين الذين اتخذوا من دون الله { أَوْلِيَآءَ } أي أصناماً يرجون النفع، ودفع الضر بها فهم واهمون في ذلك غالطون، مخطئون، إنه لا ينفع ولا يضر إلا الله فليعبدوه وحده وليتركوا ما سواه. وقوله: { لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } أي لو كان المشركون يعلمون أن حالهم في عبادتهم غير الله في عدم الانتفاع بها كحال العنكبوت في عدم الانتفاع ببيتها الواهي لما رضوا بعبادة غير الله وتركوا عبادة الله الذي بيده كل شيء وإليه مصير كل شيء. وقوله تعالى: { إِنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ } فيه تهديد للمشركين المصرين على الشرك بأنه لا يخفى عليه ما هم عليه من دعاء غيره، ولو شاء لأهلكهم كما أهلك من قبلهم { وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ } أي الغالب على أمره { ٱلْحَكِيمُ } في تدبير خلقه ولذا يعجل العقوبة لمن يعجل لحكمة ويؤخرها لمن يؤخرها عنه لحكمة فلا يغتر المشركون بتأخير العذاب، ولا يستدلون به على رضا الله تعالى بعبادتهم، وكيف يرضاها وقد أهلك أمماً بها وأنزل كتابه وبعث رسوله لإِبطالها والقضاء عليها وقوله تعالى: { وَتِلْكَ ٱلأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ } أي وهذه الأمثال نضربها للناس لأجل إيقاظهم وتبصيرهم وهدايتهم، وما { وَمَا يَعْقِلُهَآ إِلاَّ ٱلْعَالِمُونَ } أي وما يدرك مغزاها وما تهدف إليه من التنفير من الشرك العائق عن كل كمال وإسعاد في الدارين { إِلاَّ ٱلْعَالِمُونَ } أي بالله وشرائعه وأسرار كلامه وما تهدي إليه آياته. وقوله تعالى: { خَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ } إخبار بأنه تعالى هو الذي خلق السماوات والأرض وهي مظاهر قدرته وعلمه وحكمته موجبة لعبادته بتعظيمه وطاعته ومحبته والإِنابة إليه والخوف منه. وخلقهما بالحق لا بالباطل وذلك من أجل أن يذكر فيهما ويشكر فمن كفر به فترك ذكره وشكره كان كمن عبث بالسماوات والأرض وأفسدها، لذا يعذب نظراً إلى عظم جرمه عذاباً دائماً أبداً. وقوله: { إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ } أي إن في خلق السماوات والأرض بالحق { لآيَةً } أي علامة بارزة على وجود الله وقدرته وعلمه وحكمته، وهذه موجبات ألوهيته على سائر عباده فهو الإِله الحق الذي لا رب غيره. ولا إله سواه وبعد هذا البيان والبرهان لم يبق عذر لمعتذر، وعليه فـ { ٱتْلُ } أيها الرسول { مَا أُوْحِيَ إِلَيْكَ مِنَ ٱلْكِتَابِ } تعليماً وتذكيراً وتعبداً وتقرباً { وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ } طرفي النهار وزلفاً من الليل فإن في ذلك عوناً كبيراً لك على الصبر والثبات وزاداً عظيماً لرحلتك إلى الملكوت الأعلى. وقوله تعالى: { إِنَّ ٱلصَّلاَةَ تَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنْكَرِ } تعليل للأمر بإقام الصلاة فإن الصلاة بما توجده من إشراقات النفس والقلب والعقل حال تحول بين العبد وبين التلوث بقاذورات الفواحش ومفاسد المنكر وذلك يفيد إقامتها لا مجرد أدائها والإِتيان بها. وإقامة الصلاة تتمثل في الإِخلاص فيها لله تعالى أولاً ثم بطهارة القلب من الالتفات إلى غير الرب تعالى أثناء أدائها ثانياً، ثم بأدائها في أوقاتها المحددة لها وفي المساجد بيوت الله، ومع جماعة المسلمين عباد الله وأوليائه، ثم بمراعاة أركانها من قراءة الفاتحة والركوع والطمأنينة فيه والاعتدال والطمأنينة فيه، والسجود على الجبهة والأنف والطمأنينة فيه، وآخر أركانها الخشوع وهو السكون ولين القلب وذرف الدمع. هذه هي الصلاة التي توجد طاقة النور التي تحول دون الانغماس في الشهوات والذنوب وإتيان الفاحشة وارتكاب المنكر. وقوله تعالى: { وَلَذِكْرُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ } أي أكبر في النهي عن الفحشاء والمنكر من إقامة الصلاة لأن الصلاة أثناء أدائها مانعة عاصمة لكن إذا خرج منها، قد يضعف تأثيرها، أما ذكر الله بالقلب واللسان في كل الأحيان فهو عاصم مانع من الوقوع في الفحشاء والمنكر وفي اللفظ معنى آخر وهو أن ذكر الله للعبد في الملكوت الأعلى أكبر من ذكر العبد للرب في ملكوت الأرض ويدل عليه قوله:
"من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملإٍ، ذكرته في ملإِ خير منه" كما في الحديث الصحيح. وقطعاً والله لذكر الرب العبد الضعيف أكبر من ذكر العبد الضعيف الرب العظيم. اللهم اجعلنا من الذاكرين الشاكرين لآلائك. وقوله: { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ } فيه وعد وعيد، فإن علمه يترتب عليه الجزاء فمن كان يصنع المعروف جزاه به، ومن كان يصنع السوء جزاه به. اللهم ارزقنا صنائع المعروف وأبعد عنا صنائع السوء آمين.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
1- استحسان ضرب الأمثال لتقريب المعاني للأفهام.
2- تقرير التوحيد وإبطال التنديد.
3- فصل العلماء على غيرهم، العلماء بالله، بصفاته وأسمائه وآياته، وشرائعه، وأسرارها.
4- وجوب تلاوة القرآن، وإقامة الصلاة، وذكر الله، إذ هي غذاء الروح وزاد العروج إلى الملكوت الأعلى.
5- بيان فائدة إقام الصلاة وتلاوة القرآن وذكر الله تعالى بالقلب واللسان.