خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

هُوَ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ ٱلْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ٱبْتِغَاءَ ٱلْفِتْنَةِ وَٱبْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ ٱللَّهُ وَٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ
٧
رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ ٱلْوَهَّابُ
٨
رَبَّنَآ إِنَّكَ جَامِعُ ٱلنَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُخْلِفُ ٱلْمِيعَادَ
٩
-آل عمران

أيسر التفاسير

شرح الكلمات:
محكمات: الظاهر الدلالة البيّنة المعنى التي لا تحتمل إلا معنى واحداً، وذلك كآيات الأحكام من حلال وحرام وحدود، وعبادات، وعبر وعظات.
متشابهات: غير ظاهرة الدلالة محتملة لمعان يصعب على غير الراسخين في العلم القول فيها وهي كفواتح السور، وكأمور الغيب. ومثل قول الله تعالى في عيسى عليه السلام:
{ { .... وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ.. } [النساء: 171] وكقوله تعالى: { { ..إِنِ ٱلْحُكْمُ إِلاَّ للَّهِ.. } [الأنعام: 57].
في قلوبهم زيغ: الزيغ: الميل عن الحق بسبب شبهة أو شهوة أو فتنة.
ابتغاء الفتنة: أي طلباً لفتنة المؤمنين في دينهم ومعتقداتهم.
ابتغاء تأويله: طلباً لتأويله ليوافق معتقداتهم الفاسدة.
وما يعلم تأوليه إلا الله: وما يعلم ما يؤول إليه أمر المتشابه إلا الله منزله.
الراسخون في العلم: هم أهل العلم اليقيني في نفوسهم الذين رسخت أقدامهم في معرفة الحق فلا يزلّون ولا يَشْتَطّون في شبهة أو باطل.
كلٌّ من عند ربنا: أي المحكم والمتشابه فنؤمن به جميعاً.
أولوا الألباب: أصحاب العقول الراجحة والفهوم السليمة.
ربنا لا تزغ قلوبنا: أي لا تُمل قلوبنا عن الحق بعدما هديتنا إليه وعرّفتنا به فعرفناه.
هب لنا من لدنك: أعطنا من عندك رحمة.
معنى الآيات:
ما زال تعالى يقرر ربوبيته وألوهيته ونبوّة رسوله ويبطل دعوى نصارى نجران في ألوهية المسيح عليه السلام فيقول: هو أي الله الحي القيوم الذي أنزل عليك الكتاب، أي القرآن، منه آيات محكمات، لا نسخ فيها ولا خفاء في معناها ولا غموض في دلالتها على ما نزلت فيه وهذه معظم آي الكتاب وهي أمّه وأصله، ومنه آيات أخر متشابهات وهي قليلة والحكمة من إنزالها كذلك الإمتحان والإختبار كالإمتحان بالحلال والحرام، وبأمور الغيب ليثبت على الهداية والإِيمان من شاء الله هدايته، ويزيغ في إيمانه ويضل عن سبيله من شاء الله تعالى ضلاله وعدم هدايته. فقال تعالى: { فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ.. } أي ميل عن الحق { فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ٱبْتِغَاءَ ٱلْفِتْنَةِ وَٱبْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ } للخروج به عن طريق الحق وهداية الخلق كما فعل النصارى حيث ادعوا أن الله ثالث ثلاثة لأنه يقول نخلق ونحيي، ونميت وهذا كلام جماعة فأكثر، وكما قالوا في قوله تعالى في شأن عيسى:
{ { .. وَرُوحٌ مِّنْهُ.. } [النساء: 171] أنه جزء منه متحد به وكما قال الخوارج في قوله تعالى { { ..إِنِ ٱلْحُكْمُ إِلاَّ للَّهِ.. } [الأنعام: 57] فلا يجوز لأحد أن يحكم في شيء وكفروا عليّا وخرجوا عنه لتحكيمه أبا موسى الأشعري في حقيقة الخلاف بين علي ومعاوية وهكذا يقع أهل الزيغ في الضلال حيث يتبعون المتشابه ولا يردونه إلى المحكم فيظهر لهم معناه ويفهمون مراد الله تعالى منه. وأخبر تعالى أنه لا يعلم تأويله إلا هو سبحانه وتعالى. وأن الراسخين في العلم يُفَوِّضُون أمره إلى الله منزله فيقولون: { .. آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ }، ويسألون ربهم الثبات على الحق فيقولون: { ..رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنْكَ رَحْمَةً.. } ترحمنا بها في دنيانا وأخرانا إنك أنت وحدك الوهاب، لا إله غيرك ولا ربّ سواك، ويقررون مبدأ المعاد والدار الآخرة فيقولون سائلين ضارعين { رَبَّنَآ إِنَّكَ جَامِعُ ٱلنَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ } لمحاسبتهم ومجازاتهم على أعمالهم فاغفر لنا وارحمنا يومئذ حيث آمنا بك وبرسولك وبكتابك محكم آيه ومتشابهه، إنك لا تخلف الميعاد.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- في كتاب الله المحكم والمتشابه، فالمحكم يجب الإِيمان به والعمل بمقتضاه، والمتشابه يجب الإِيمان به ويفوض أمر تأويله إلى الله منزله ويقال: { ..آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا.. }.
2- أهل الزيغ الذين يتبعون ما تشابه يجب هجرانهم والإِعراض عنهم لأنهم مبتدعة وأهل أهواء.
3- استحباب الدعاء بطلب النجاة عند ظهور الزَّيغ ورؤية الفتن والضلال.
4- تقرير مبدأ المعاد والدار الآخرة.