شرح الكلمات:
وقال الذين كفروا: أي قال بعضهم لبعض على جهة التعجيب.
هل ندلكم على رجل: أي محمد صلى الله عليه وسلم.
إذا مُزقتم كل ممزق: أي قطعتم كل التقطيع.
إنكم لفي خلق جديد: أي تبعثون خلقاً جديداً لم ينقص منكم شيء.
أم به جنة: أي جنون تخيّل له بذلك.
بل الذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب والضلال البعيد: أي ليس الأمر كما يقول المشركون من افتراء الرسول أو جنونه بل الأمر الثابت والواقع أن الذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب في الآخرة، وفي الضلال البعيد في الدنيا.
أفلم يروا: أي ينظروا.
إلى ما بين أيديهم وما خلفهم: أي من أمامهم وورائهم وفوقهم وتحتهم إذ هم محاطون من كل جهة من السماء والأرض.
أو نسقط عليهم كسفاً: أي قطعاً جمع كسِفة أي قطعة.
إن في ذلك لآية: أي علامة واضحة ودليلاً قاطعاً على قدرة الله عليهم.
لكل عبد منيب: أي لكل مؤمن منيب إلى ربّه رجَّاع إليه في أمره كله.
معنى الآيات:
ما زال السياق في تقرير عقيدة البعث والجزاء إنه لما قررها تعالى في الآيات قبل أورد هنا ما يتقاوله المشركون بينهم في تهكم واستهزاء واستبعاد للحياة الآخرة. فقال تعالى حاكيا قولهم: { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } وهم مشركو مكة أي بعضهم لبعضٍ متعجبين { هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ } يعنون محمداً صلى الله عليه وسلم { يُنَبِّئُكُمْ } أي يخبركم بأنكم إذا متم وتمزقت لحومكم وتكسرت عظامكم وذهبتم في الأرض تراباً تبعثون في خلق جديد بعد أن مزقتم كل ممزق اي كل التمزيق فلم يبق شيء متصل ببعضه بعضاً. { أَفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } أي محمد فكذب على الله هذا القول وزوره عنه وادعى أنه أخبره بوجود بعث جديد للناس بعد موتهم لحسابهم وجزائهم؟! أم به جنة أي به مس من جنون فهي تخيل له صور البعث وما يجري فيه وهو يخبر به ويدعو إلى الإِيمان به؟ وهنا رد الله تعالى عليهم كذبهم وباطلهم فقال { بَلِ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ فِي ٱلْعَذَابِ وَٱلضَّلاَلِ ٱلْبَعِيدِ } أي ليس الأمر كما يقولون من أن النبي افترى على الله كذباً، أو به جنون فتخيل له البعث وإنما الأمر الثابت والواقع المقطوع به أن الذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب يوم القيامة. وفي
الضلال البعيد اليوم في الدنيا وشؤمهم أتاهم من تكذيبهم بالآخرة.
ثم قال تعالى مهدداً لهم لعلهم يرتدعون عن التهجم والتهكم بالنبي صلى الله عليه وسلم { أَفَلَمْ يَرَوْاْ } أي أعموا فلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض أفلم ينظروا كيف هم محاطون من فوقهم ومن تحتهم ومن أمامهم ومن ورائهم أي الأرض تحتهم والسماء فوقهم { إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ ٱلأَرْضَ } فيعودون فيها { أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً } أي قطعاً من السماء فتهلكهم عن آخرهم فلا يجدون مهرباً والجواب لا، لأنهم مهما جروْا هاربين لا تزال السماء فوقهم والأرض تحتهم والله قاهر لهم متى شاء خسف بهم أو أسقط السماء عليهم. وقوله تعالى { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ } أي إن في ذلك المذكور من إحاطة السماء والأرض وقدرة الله على خسف من شاء خسف الأرض بهم وإسقاط كِسَفٍ من السماء على من شاء ذلك لهم آية. وعلامة بارزة على قدرة الله على إهلاك من شاء ممن كفروا بالله وبرسوله وكذبوا بلقائه. وكون المذكور آية لكل عبد منيب دون غيره لأن المنيب هو الرجاع إلى ربه كلما أذنب آب لخشيته من ربه فالخائف الخاشي هو الذي يجد الآية واضحة أمامه في إحاطة الأرض والسماء بالإِنسان وقدرة الله على خسف الأرض به أو إسقاط السماء كسفاً عليه.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
1- بيان ما كان المشركون عليه من استهزاء وتكذيب وسخرية بالنبي صلى الله عليه وسلم.
2- تقرير البعث وأن المكذبين به محكوم عليهم بالعذاب فيه.
3- لفت الأنظار إلى قدرة الله تعالى المحيطة بالإِنسان ليخشى الله تعالى ويرهبه فيؤمن به ويعبده
ويوحده.
4- فضل الإِنابة إلى الله وشرف المنيب. والإِنابة الرجوع إلى التوبة بعد الذنب والمعصية، والمنيب الذي رجع في كل شيء إلى ربه تعالى.