خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ ٱلأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً فَهُمْ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّنْهُ بَلْ إِن يَعِدُ ٱلظَّالِمُونَ بَعْضُهُم بَعْضاً إِلاَّ غُرُوراً
٤٠
إِنَّ ٱللَّهَ يُمْسِكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ أَن تَزُولاَ وَلَئِن زَالَتَآ إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً
٤١
وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَآءَهُمْ نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَىٰ مِنْ إِحْدَى ٱلأُمَمِ فَلَمَّا جَآءَهُمْ نَذِيرٌ مَّا زَادَهُمْ إِلاَّ نُفُوراً
٤٢
ٱسْتِكْبَاراً فِي ٱلأَرْضِ وَمَكْرَ ٱلسَّيِّىءِ وَلاَ يَحِيقُ ٱلْمَكْرُ ٱلسَّيِّىءُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ سُنَّتَ ٱلأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَحْوِيلاً
٤٣
-فاطر

أيسر التفاسير

شرح الكلمات:
قل أرأيتم: أي أخبروني.
تدعون من دون الله: أي تعبدون من غير الله وهي الأصنام.
أروني ماذا خلقوا: أي أخبروني ماذا خلقوا من الأرض أي أيّ جزء منها خلقوه.
أم لهم شرك: أي أم لهم شركة في خلق السماوات.
إلا غروراً: أي باطلاً إذْ قالوا إنها آلهتنا تشفع لنا عند الله يوم القيامة وتقربنا إلى الله زلفى.
يمسك السماوات والأرض أن تزولا: أي يمنعها من الزوال.
إن أمسكهما من أحد من بعده: أي ولو زالتا ما أمسكهما أحد من بعده لعجزه عن ذلك.
إنه كان حليما غفوراً: أي حليماً لا يعجل بالعقوبة غفوراً لمن ندم واستغفر.
لئن جاءهم نذير: أي رسول.
من إحدى الأمم: أي اليهود والنصارى.
فلما جاءهم نذير: أي محمد صلى الله عليه وسلم.
ما زادهم إلا نفوراً: أي مجيئه إلا تباعداً عن الهدى ونفرة منه.
ومكر السيئ: أي الشرك والمعاصي.
ولا يحيق المكر السيئ: أي ولا يحيط إلا بأهله العاملين له.
سنة الأولين: أي سنة الله فيهم وهي تعذيبهم بكفرهم وإصرارهم عليه.
ولن تجد لسنة الله تبديلا: أي فلا يبدل العذاب بغيره.
ولن تجد لسنة الله تحويلا: أي تحويل العذاب عن مستحقه إلى غير مستحقه.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في تقرير التوحيد وإبطال التنديد فقال تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم قل للمشركين من قومك: { أَرَأَيْتُمْ شُرَكَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ } أي تعبدون من دون الله أخبروني: ماذا خلقوا من الأرض حتى استحقوا العبادة مع الله فعبدتموهم معه؟ أم لهم شرك في السماوات بأن خلقوا جزءاً وملكوه بالشركة. والجواب قطعاً لم يخلقوا شيئاً من الأرض وليس لهم في خلق السماوات شركة أيضاً إذاً فكيف عبدتموهم مع الله؟ وقوله تعالى: { أَمْ آتَيْنَاهُمْ } أي أم آتينا هؤلاء المشركين كتاباً يبيح لهم الشرك ويأذن لهم فيه فهم لذلك على بينة بصحة الشرك. والجواب ومن أين لهم هذا الكتاب الذي يبيح الشرك؟ بل إن يعد الظالمون بعضهم بعضاً { إِلاَّ غُرُوراً } أي باطلاً إذْ الحقيقة أن المشركين لم يكن لهم كتاب يحتجون به على صحة الشرك، وإنما هو أن الظالمين وهم المشركون ما يعد بعضهم بعضا وهو أن الآلهة ستشفع لنا وتقربنا إلى الله زلفى إلا غروراً وباطلاً فالرؤساء غرَّروا بالمرء وسين وكذبوا عليهم بأن الآلهة تشفع لهم عند الله وتقربهم منه زلفى فلهذا عبدوها من دون الله وقوله تعالى: { إِنَّ ٱللَّهَ يُمْسِكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ أَن تَزُولاَ } يخبر تعالى عن عظيم قدرته ولطفه بعباده، ورحمته بهم وهي أنه تعالى يمسك السماوات السبع والأرض أن تزولا أي تتحول عن أماكنهما، إذْ لو زالتا لخرب العالم في لحظات، وقوله: { وَلَئِن زَالَتَآ } أي ولو زالتا { إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ } أي لا يقدر على ذلك إلا هو سبحانه وتعالى، وقوله إنه كان حليماً غفوراً إذ حلمه هو الذي غرَّ الناس فعصوه، ولم يطيعوه، وأشركوا به ولم يوحدوه ومغفرته هي التي دعت الناس إلى التوبة إليه، والإِنابة إلى توحيده وعبادته.
وقوله تعالى في الآية الثالثة من هذا السياق [42] { وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَآءَهُمْ نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَىٰ مِنْ إِحْدَى ٱلأُمَمِ } يخبر تعالى عن المشركين العرب بأنهم في يوم من الأيام كانوا يحلفون بالله جهد أيمانهم أي غاية اجتهادهم فيها لئن جاءهم رسول يرشدهم ويعلمهم لكانوا أهدى أي أعظم هداية من إحدى الطائفتين اليهود والنصارى. هكذا كانوا يحلفون ولما جاءهم نذير أي الرسول وهو محمد صلى الله عليه وسلم ما زادهم مجيئه { إِلاَّ نُفُوراً } أي بعداً عن الدين ونفرة منه، واستكباراً في الأرض، ومكر السيئ الذي هو عمل الشرك والظلم والمعاصي.
وقوله تعالى { وَلاَ يَحِيقُ ٱلْمَكْرُ ٱلسَّيِّىءُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ } إخبار منه تعالى بحقيقة يجهلها الناس وهي أن عاقبة المكر السيئ تعود على الماكرين بأسْوأ العقاب وأشد العذاب وقوله تعالى: { فَهَلْ يَنظُرُونَ } أي ينتظرون وهم مصرون على المكر السيئ وهو الشرك ومحاربة الرسول وأذية المؤمنين. إلا سنة الأولين وهي إهلاك الماكرين الظالمين { فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ } أيها الرسول { تَبْدِيلاً } بأن يتبدل العذاب بغيره بالرحمة مثلا { وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَحْوِيلاً } بأن يتحول العذاب عن مستحقه إلى غير مستحقه إذاً فليعاجل قومك الوقت بالتوبة وإلا فهُم عرضة لأن تمضي فيهم سنة الله بعذابهم.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- تقرير التوحيد وإبطال الشرك والتنديد.
2- بيان أن المشركين لا دليل لهم على صحة الشرك لا من عقل ولا من كتاب.
3- بيان قدرة الله ولطفه بعباده ورحمته بهم في إمساك السماوات والأرض عن الزوال.
4- بيان كذب المشركين، ورجوعهم عما كانوا يتقاولونه بينهم من أنه لو أُرسل إليهم رسولاً لكانوا أهدى من اليهود أو النصارى.
5- تقرير حقيقة وهي أن المكر السيئ عائد على أهله لا على غيرهم وفي هذا يُرى أن ثلاثة على أهلها رواجع، وهي المكر السيئ، والبغْي، والنَّكث لقوله تعالى
{ { إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ } [يونس: 23]. وقوله { { فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ } [الفتح: 10] وقوله { وَلاَ يَحِيقُ ٱلْمَكْرُ ٱلسَّيِّىءُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ }.