خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَعَدَكُمُ ٱللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَـٰذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ ٱلنَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً
٢٠
وَأُخْرَىٰ لَمْ تَقْدِرُواْ عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ ٱللَّهُ بِهَا وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً
٢١
وَلَوْ قَـٰتَلَكُمُ ٱلَّذِينَ كفَرُواْ لَوَلَّوُاْ ٱلأَدْبَارَ ثُمَّ لاَ يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً
٢٢
سُنَّةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً
٢٣
وَهُوَ ٱلَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً
٢٤
-الفتح

أيسر التفاسير

شرح الكلمات:
وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها: أي من الفتوحات الإِسلامية التي وصلت الأندلس غربا.
فعجل لكم هذه: أي غنيمة خيبر.
وكف أيدي الناس عنكم: أي أيدي اليهود حيث هموا بالغارة على بيوت الصحابة وفيها أزواجهم وأولادهم وأموالهم فصرفهم الله عنهم.
ولتكون آية للمؤمنين: أي تلك الصرفة التي صرف اليهود المتآمرين عن الاعتداء على عيال الصحابة وهم غُيّب في الحديبية أو خيبر آية يستدلون بها على كلاءة الله وحمايته لهم في حضورهم ومغيبهم.
ويهديكم صراطا مستقيما: أي طريقا في التوكل على الله والتفويض إليه في الحضور والغيبة لا اعوجاج فيه.
وأخرى لم تقدروا عليها: أي ومغانم أخرى لم تقدروا عليها وهي غنائم فارس والروم.
قد أحاط بها: أي فهي محروسة لكم إلى حين تغزون فارس والروم فتأخذونها.
ولو قاتلكم الذين كفروا: أي المشركون في الحديبية.
لولوا الأدبار: أي لانهزموا أمامكم وأعطوكم أدبارهم تضربونها.
سنة الله التي قد خلت من قبل: أي هزيمة الكافرين ونصر المؤمنين الصابرين سنة ماضية في كل زمان ومكان.
وهو الذي كف أيديهم عنكم: حيث جاء ثمانون من المشركين يريدون رسول الله والمؤمنين ليصيبوهم بسوء.
وأيديكم عنهم ببطن مكة: فأخذهم أصحاب رسول الله أسرى وأتوا بهم إلى رسول الله فعفا عنهم.
من بعد أن أظفركم عليهم: وذلك بالحديبية التي هي بطن مكة.
معنى الآيات:
ما زال السياق في ذكر إفضال الله تعالى وإنعامه على المؤمنين المبايعين الله ورسوله على مناجزة المشركين وقتالهم وأن لا يفروا فقد ذكر أَنه أنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحاً قريباً ومغانم خيبر الكثيرة فعطف على السابق خبراً عظيماً آخر فقال { وَعَدَكُمُ ٱللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَـٰذِهِ } أي غنيمة خيبر، { وَكَفَّ أَيْدِيَ ٱلنَّاسِ عَنْكُمْ } وذلك أن يهود المدينة تمالأوا مع يهود خيبر وبعض العرب على أن يغيروا على دور الأنصار والمهاجرين، بالمدينة ليقتلوا من بها وينهبوا ما فيها فكف تعالى أيديهم وصرفهم عما هموا به كرامة للمؤمنين، وقوله { وَلِتَكُونَ آيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ } أي تلك الصرفة التي صرف فيها قلوب من هموا بالغارة على عائلات وأسر الصحابة بالمدينة وهم غُيَّب بالحديبية آية تهديهم إلى زيادة التوكل على الله والتفويض إليه والاعتماد عليه. وقوله { وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً } أي ويسددكم طريقا واضحا لا اعوجاج فيه وهو أن تثقوا في أموركم كلها بربكم فتتوكلوا عليه في جميعها فيكفيكم عكل ما يهمكم، ويدفع عنكم ما يضركم في مغيبكم وحضوركم. وقوله تعالى { وَأُخْرَىٰ لَمْ تَقْدِرُواْ عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ ٱللَّهُ بِهَا } أي وغنائم أخرى لم تقدروا وهي غنائم الروم وفارس. وقد أحاط الله بها فلم يفلت منها شيء حتى تغزوا تلك البلاد وتأخذوها كاملة، { وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً } ومن مظاهر قدرته أن يغنمكم وأنتم أقل عُددا وعددا غنائم أكبر دولتين في عالم ذلك الوقت فارس والروم. وقوله { وَلَوْ قَـٰتَلَكُمُ ٱلَّذِينَ كفَرُواْ لَوَلَّوُاْ ٱلأَدْبَارَ ثُمَّ لاَ يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً } أي ومن جملة إنعامه عليكم أنه لو قاتلكم أهل مكة وأنتم ببطنها لنصركم الله عليهم ولانهزموا أمامكم مولينكم ظهورهم ولا يجدون وليّاً يتولاهم بالدفاع عنهم ولا ناصراً ينصرهم لأنا سلطناكم عليهم. وقوله تعالى { سُنَّةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ } أي في الأمم السابقة وهي لأنّ الله ينصر أولياءه على أعدائه لا بد فكان هذا كالسنن الكونية التي لا تتبدل، وهو معنى قوله { وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً }، وقوله تعالى في الآية الأخيرة من هذا السياق [24] { وَهُوَ ٱلَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً } هذه منّة أخرى وكرامة عظيمة وهي أن قريشا بعثت بثمانين شابا إلى معسكر رسول الله في الحديبية لعلهم يصيبون غرة من الرسول وأصحابه فينالونهم بسوء فأوقعهم تعالى أسرى في أيدي المسلمين فمّن الرسول صلى الله عليه وسلم عليهم بالعفو فكان سبب صلح الحديبية. وقوله { وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً } أي مطلعا عالما بكل ما يجري بينكم فهو معكم لولايته لكم.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
1- صدق وعد الله لأصحاب رسوله في الغنائم التي وُعِدوا بها فتحققت كلماته بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي غنائم فارس والروم.
2- كرامة الله للمؤمنين إذ حمى ظهورهم من خلفهم مرتين الأولى ما همَّ به اليهود من غارة على عائلات وأسر الصحابة بالمدينة النبويّة، والثانية ما همَّ به رجال من المشركين للفتك بالمؤمنين ليلا بالحديبية إذ مكَّن الله منهم رسوله والمؤمنين، ثم عفا عنهم رسول الله وأطلق سراحهم فكان ذلك مساعدا قويا على تحقيق صلح الحديبية.
3- بيان سنة الله في أنه ما تقاتل أولياء الله مع أعدائه في معركة إلا نصر الله أولياءه على أعدائه.