خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ ٱلْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَٱعْفُ عَنْهُمْ وَٱصْفَحْ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ
١٣
وَمِنَ ٱلَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَىٰ أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ ٱلْعَدَاوَةَ وَٱلْبَغْضَآءَ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ ٱللَّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ
١٤
-المائدة

أيسر التفاسير

شرح الكلمات:
نقض الميثاق: حله بعدم الالتزام بما تضمنه من أمر ونهي.
لعنّاهم: طردناهم من موجبات الرحمة ومقتضيات العز والكمال.
يحرفون الكلم: يبدلون الكلام ويؤولون معانيه لأغراض فاسدة، والكلم من الكلام.
ونسوا حظاً مما ذكروا: تركوا قسطاً كبيراً مما ذكرهم الله تعالى به أي أمرهم به في كتابهم.
خائنة: خيانة أو طائفة خائنة منهم.
فاعف عنهم واصفح: أي لا تؤاخذهم واصرف وجهك عنهم محسناً إليهم بذلك.
إنا نصارى: أي ابتدعوا بدعة النصرانية فقالوا إنا نصارى.
أغرينا بينهم العداوة: الإِغراء: التحريش والمراد أوجدنا لهم أسباب الفرقة والخلاف إلى يوم القيامة بتدبيرنا الخاص فهم أعداء لبعضهم البعض أبداً.
معنى الآيتين:
ما زال السياق الكريم في بيان خبث اليهود وغدرهم فقد أخبر تعالى في هذه الآية الكريمة [13] أن اليهود الذين أخذ الله ميثاقهم على عهد موسى عليه السلام بأن يعملوا بما في التوراة وأن يقابلوا الكنعانيين ويخرجوهم من أرض القدس وبعث منهم أثني عشر نقيباً قد نكثوا عهدهم ونقضوا ميثاقهم، وإنه لذلك لعنهم وجعل قلوبهم قاسية فهم يحرفون الكلم عن مواضعه فقال تعالى: { فَبِمَا نَقْضِهِم } أي فبنقضهم ميثاقهم الذي أخذ عليهم بأن يعملوا بما في التوراة ويطيعوا رسولهم { لَعنَّاهُمْ } أي أبعدناهم من دائرة الرحمة وأفناء الخير والسلام { وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً } شديدة غليظة لا ترق لموعظة، ولا تلين لقبول هدى { يُحَرِّفُونَ ٱلْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ } فيقدمون ويأخرون ويحذفون بعض الكلام ويؤولون معانيه لتوافق أهواءهم، ومن ذلك تأويلهم الآيات الدالة على نبوة كل من عيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم في التوراة { وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِرُواْ بِهِ } وتركوا كثيراً مما أمروا به من الشرائع والأحكام معرضين عنها متناسين لها كأنهم لم يؤمرو بها، فهل يستغرب ممن كان هذا حالهم الغدر والنقض والخيانة، ولا تزال يا رسولنا { تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ } أي على طائفة خائنة منهم كخيانة بني النضير { إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ } فإنهم لا يخونون كعبد الله بن سلام وغيره، وبناء على هذا { فَٱعْفُ عَنْهُمْ } فلا تؤاخذهم بالقتل، { وَٱصْفَحْ } عنهم فلا تتعرض لمكروههم فأحسن إليهم بذلك { إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ }.
هذا ما دلت عليه الآية الأولى [13] أما الآية الثانية [14] في هذا السياق فقد أخبر تعالى عن النصارى وأن حالهم كحال اليهود لا تختلف كثيراً عنهم فقد أخذنا ميثاقهم على الإيمان بي وبرسلي وبالعمل بشرعي فتركوا متناسين كثيراً مما أخذ عليهم العهد والميثاق فيه، فكان أن أغرينا بينهم العداوة والبغضاء كثمرة لنقضهم الميثاق فتعصبت كل طائفة لرأيها فثارت بينهم الخصومات وكثر الجدل فنشأ عن ذلك العداوات والبغضاء وستستمر إلى يوم القيامة، وسوف ينبئهم الله تعالى بما كانوا يصنعون من الباطل والشر والفساد ويجازيهم به الجزاء الموافق لخبث أرواحهم وسوء أعمالهم فإن ربك عزيز حكيم.
هداية الآيتين
من هداية الآيتين:
1- حرمة نقض المواثيق ونكث العهود ولا سيما كان بين العبد وربه.
2- الخيانة وصف لازم لأكثر اليهود فقل من سلم منهم من هذا الوصف.
3- استحباب العفو عند القدرة، وهو من خلال الصالحين.
4- حال النصارى لا تختلف كثيراً عن حال اليهود كأنهم شربوا من ماء واحد. وعليه فلا يستغرب منهم الشر ولا يؤمنون على سر فهم في عداوة الإِسلام والحرب عليه متعاونون متواصون.