خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَٱنْطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا رَكِبَا فِي ٱلسَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً
٧١
قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً
٧٢
قَالَ لاَ تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلاَ تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً
٧٣
فَٱنْطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا لَقِيَا غُلاَماً فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً
٧٤
قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً
٧٥
قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلاَ تُصَٰحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْراً
٧٦
فَٱنطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَآ أَتَيَآ أَهْلَ قَرْيَةٍ ٱسْتَطْعَمَآ أَهْلَهَا فَأَبَوْاْ أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً
٧٧
قَالَ هَـٰذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْراً
٧٨
أَمَّا ٱلسَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي ٱلْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَآءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً
٧٩
وَأَمَّا ٱلْغُلاَمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَآ أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً
٨٠
فَأَرَدْنَآ أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِّنْهُ زَكَـاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً
٨١
وَأَمَّا ٱلْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلاَمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي ٱلْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَآ أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِـع عَّلَيْهِ صَبْراً
٨٢
-الكهف

تفسير القرآن

{ فَٱنْطَلَقَا } فمضيا موسى وخضر عليهما السلام { حَتَّىٰ إِذَا رَكِبَا فِي ٱلسَّفِينَةِ } عند العبر { خَرَقَهَا } ثقبها الخضر { قَالَ } له موسى { أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ } يعني لكي تغرق { أَهْلَهَا } إن قرأت بنصب الياء ويقال لتغرق لتهلك إن قرأت بضم التاء { لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً } لقد فعلت شيئاً منكراً شديداً على القوم { قَالَ } له الخضر { أَلَمْ أَقُلْ } يا موسى { إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً قَالَ } موسى { لاَ تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ } تركت من وصيتك { وَلاَ تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً } يعني لا تكلفني من أمري شدة { فَٱنْطَلَقَا } فمضيا { حَتَّىٰ إِذَا لَقِيَا غُلاَماً } بين قريتين { فَقَتَلَهُ } الخضر { قَالَ } موسى { أَقَتَلْتَ } يا خضر { نَفْساً زَكِيَّةً } برية { بِغَيْرِ نَفْسٍ } بغير قتل نفس { لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً } فعلت فعلاً منكراً عظيماً { قَالَ } الخضر { أَلَمْ أَقُلْ لَّكَ } يا موسى { إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً } إنك ترى مني شيئاً لا تصبر على ذلك { قَالَ } موسى { إِن سَأَلْتُكَ } يا خضر { عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا } بعد قتل هذه النفس { فَلاَ تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْراً } قد أعذرت مني بترك الصحبة { فَٱنطَلَقَا } فمضيا { حَتَّىٰ إِذَآ أَتَيَآ أَهْلَ قَرْيَةٍ } يقال لها أنطاكية { ٱسْتَطْعَمَآ أَهْلَهَا } طلبا من أهلها الخبز { فَأَبَوْاْ أَن يُضَيِّفُوهُمَا } يعطوهما الطعام { فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً } حائطاً مائلاً { يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ } أن يسقط { فَأَقَامَهُ } فسواه الخضر { قَالَ } موسى { لَوْ شِئْتَ } يا خضر { لاَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً } جعلاً خبزاً نأكله { قَالَ } الخضر { هَـٰذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ } يا موسى { سَأُنَبِّئُكَ } أخبرك { بِتَأْوِيلِ } بتفسير { مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْراً } ما لم تصبر عليه { أَمَّا ٱلسَّفِينَةُ } التي ثقبتها { فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي ٱلْبَحْرِ } فيعبرون بالناس { فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا } أشينها { وَكَانَ وَرَآءَهُم } قدامهم { مَّلِكٌ } يقال له جلندى { يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً } فلذلك ثقبتها { وَأَمَّا ٱلْغُلاَمُ } الذي قتلته { فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ } من عظماء تلك القرية { فَخَشِينَآ أَن يُرْهِقَهُمَا } فعلم ربك أن يكلفهما { طُغْيَاناً وَكُفْراً } بطغيانه وكفره ومعصيته بالحلف الكاذب فقتلته { فَأَرَدْنَآ أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا } ولداً { خَيْراً مِّنْهُ زَكَـاةً } صالحاً { وَأَقْرَبَ رُحْماً } أوصل رحماً فرزق الله لهما جارية فتزوج بها نبي من الأنبياء فولدت نبياً من الأنبياء فهدى الله على يديه أمة من الناس وكان الغلام رجلاً كافراً لصاً قتالاً فمن ذلك قتله الخضر وكان اسمه جيسور { وَأَمَّا ٱلْجِدَارُ } الذي سويته { فَكَانَ لِغُلاَمَيْنِ يَتِيمَيْنِ } وكان اسمهما أصرم وصريم { فِي ٱلْمَدِينَةِ } في مدينة أنطاكية { وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا } لوح من الذهب فيه علم وحكمة مكتوب فيه بسم الله الرحمن الرحيم عجبت لمن يوقن بالموت كيف يفرح وعجبت لمن يوقن بالقدر كيف يحزن وعجبت لمن يوقن بزوال الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم { وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً } ذو أمانة يقال له كاشح { فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَآ أَشُدَّهُمَا } أن يحتلما { وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا } يعني اللوح { رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ } نعمة لهما من ربك ويقال وحياً من ربك فعلته { وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي } من قبل نفسي { ذَٰلِكَ تَأْوِيلُ } تفسير { مَا لَمْ تَسْطِـع عَّلَيْهِ صَبْراً } ما لم تصبر عليه.