خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

لَقَدْ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ ٱلأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ
٢٥
-التوبة

تفسير عبد الرزاق الصنعاني مصور

1064- حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن كثير بن عباس بن عبد المطلب، عن أبيه، في قوله تعالى: { وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ }: [الآية: 25]، قال: لما كان يوم حنين التقى المسلمون والمشركون، فَولّى المسلمون يَوْمَئِذٍ، فقلد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم، وما معه أحد إلا أبا سفيان بن الحارث بن عبد المطلب آخذاً بغرز رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم لا يألوا ما أسرع نحو المشركين قال: فأتيت حتى أخذت بلجامه، وهو على بغلة له شهباء فكففتها، فقال: يا عباس! نادِ أصحابَ السمرة، قال: فناديت وكنت رجلاً صيّتاً، فناديت بصوتي الأعلى: أين أصحاب السمرة؟ فأقبلوا كأنهم الإِبل إذا جَنّتْ إلى أولادها يقولون: يا لبيك يا لبيك، وأقبل المشركون فاقتتلوا والمسلمون، وناديتُ الأنصار: يا معشر الأنصار! يا معشر الأنصار! ثم قصرت الدعوة في بني الحارث بن الخزرج! يا بني الحارث بن الخزرج! فنظر النبي صلى الله عليه وسلم وهُوَ عَلَى بغلته كالمتطاول إلى قتالهم، فقال: هذا حين حمي الوطيس، ثم أخذ بيده من الحصا فرماهم بها ثم قال: "انهزموا ورب الكعبة، انهزموا ورب الكعبة" مرتين. قال: فوالله ما زلت أرى أمرهم مُدْبراً، وحدّهم كَلِيلاً حتى هزمَهم اللهُ فكأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يركض خلفهم عَلَى بغلة له.
قال الزهري: وأخبرني ابن المسيب أنهم أصابوا يومئذٍ ستة آلاف سبي، قال الزهري: وأخْبرني عُروة أنهم جاءوا مسلمين بعد ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا نبيّ الله! أنت خير الناس وأنت أبر الناس، وقد أُخِذَت أبناؤنَا ونساؤنا وأمْوَالُنا! قال:
"إن عندي من ترون. وإ، خير القول أصدقه، قال: فاختاروا مني إما ذراريكم ونساءكم، وإما أموالكم؟ فقالوا: ما كنَّا نعْدل بالأحْساب شيئاً، فقام النبي صلى الله عليه وسلم خطيباً فقال: إنَّ هؤلاء قد جاءوا مسلمين، وإنا قد خيَّرْناهم بن الذراري والأموال فلم يعدلوا بالأَساب شيئاً، فَمن كانَت عنده منهم شيء فطابت نفسه أن يرده فبسبيل ذلك، ومن أبى فليعطنا وليكن قرضاً علينا حتى نصيب شيئاً فنعطيه مكانه قالوا: يا نبيّ الله رضينا وسلمنا، قال: إني لا أدري لَعَلّ فيكم مَنْ لَمْ يَرْضَ، فأْمُروا عُرَفاكم فليرفعُوا ذاكم إلينا فرفعوا إليه: أن قد رَضُوا وسلموا" .