خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَيَقُولُونَ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا ٱلْغَيْبُ للَّهِ فَٱنْتَظِرُوۤاْ إِنِّي مَعَكُمْ مِّنَ ٱلْمُنتَظِرِينَ
٢٠
-يونس

محاسن التأويل

{ وَيَقُولُونَ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ } أي: من الآيات التي اقترحوها تعنتاً وعناداً، وكانوا لا يعتدّون بما أنزل عليه من الآيات العظام المتكاثرة، التي لم ينزل على أحد من الأنبياء مثلها، وكفى بالقرآن وحده آية باقية على وجه الدهر، بديعة غريبة في الآيات { فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلّهِ } أي: هو المختص بعلم الغيب، المستأثر به، لا علم لي ولا لأحد به. يعني أن الصارف عن إنزال الآيات المقترحة أمر مغيَّب لا يعلمه إلا هو.
{ فَانْتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ } أي: فما يقضيه الله تعالى في عاقبة تعنتكم، فإن العاقبة للمتقين. وقد قال تعالى في آية أخرى:
{ { وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ } [الإسراء: 59]، وقال تعالى: { { إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جَاءتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ } [يونس: 96 - 97]، وقال تعالى: { { وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ } [الأنعام: 7]، أي: فمثل هؤلاء أقل من أن يجابوا لمقترحهم، لفرط عنادهم، ولا يخفى أن القرآن الكريم لما قام به الدليل القاهر على صدق نبوته، عليه السلام، لإعجازه، كان طلب آية أخرى سواه من مقترحهم - مما لا حاجة له في صحة نبوته، وتقرير رسالته، فمثلها يكون مفوضاً إلى مشيئته تعالى، فترد إلى غيبه، وسواء أنزلت أو لا، فقد ثبتت نبوته، وصحت رسالته، صلوات الله عليه.
ثم أكد تعالى ما هم عليه من العناد واللجاج مشيراً إلى أنهم لا يذعنون، ولو أجيبوا لمقترحهم بما يعهد منهم من عدولهم عنه تعالى بعد كشفهم ضرهم إلى الإشراك، بقوله:
{ وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِّن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُم مَّكْرٌ فِي آيَاتِنَا قُلِ اللّهُ أَسْرَعُ مَكْراً إِنَّ ... }.