خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قَدْ مَكَرَ ٱلَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى ٱللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِّنَ ٱلْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ ٱلسَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ ٱلْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ
٢٦
-النحل

محاسن التأويل

{ قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } أي: بأنبيائهم: { فَأَتَى اللّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ } أي: قلع بنيانهم من قواعده وأُسُسه فهدمه عليهم حتى أهلكهم و ( الإتيان ) يتجوز به عن ( الإهلاك ) كقوله تعالى: { { فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا } [الحشر: 2]، ويقال: أُتِي فلان من مأمنه، أي: جاءه الهلاك من جهة أمنه. وأتى عليه الدهر: أهلكه وأفناه. ومنه الأُتُوُّ وهو الموت والبلاء. يقال أتى على فلان أتوُّ، أي: موت أو بلاء يصيبه. وقد جوَّز في الآية إرادة حقيقة هلاكهم. كالمحكي عن قوم لوط وصالح عليهما السلام، فيما تقدم. أو مجازه على طريق التمثيل؛ لإفساد ما أبرموه من هدم دينه تعالى. شبهت حال أولئك الماكرين في تسويتهم المكايد، للإيقاع بالرسل عليهم السلام. وفي إبطاله تعالى تلك الحيل، وجعله إياها أسباباً لهلاكهم، بحال قوم بنوا بنياناً وعمَّدوه بالأساطين. فأتى ذلك من قبل أساطينه بأن ضعضعت، فسقط عليهم السقف فهلكوا. ووجه الشبه: أن ما عدوه سبب بقائهم، عاد سبب استئصالهم وفنائهم، كقولهم: من حفر لأخيه جباً وقع فيه منكباً. وقوله: { مِن فَوْقِهمْ } متعلق بـ ( خَرَّ ). و ( من ) لابتداء الغاية، أو متعلق بمحذوف على أنه حال من ( السقف ) مؤكدة. وقيل: إنه ليس بتأكيد؛ لأن العرب تقول: خر علينا سقف ووقع علينا حائط، إذا انهدم في ملكه وإن لم يقع عليه.
{ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ } أي: الهلاك والدمار: { مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ } أي: لا يحتسبون.