خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَقْتُلُوۤاْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً
٣١
-الإسراء

محاسن التأويل

{ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم } نهي لهم عما كانوا يفعلونه في الجاهلية من قتلهم أولادهم. وهو وأدهم بناتهم. أي: دفنهن في الحياة. كانوا يئدونهن خشية الفاقة وهي الإملاق والفقر، بالإنفاق عليهم إذا كبروا. فنهاهم الله وضمن لهم أرزاقهم بقوله: { نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ } أي: نحن المختصون بإعطاء رزقهم في الصغر والكبر، وقوله تعالى: { وَإِيَّاكُمْ } أي: الآن بإغنائكم. وقوله تعالى: { إنَّ قَتْلَهُمْ } أي: للإملاق الحاضر والخشية في المستقبل: { كَانَ خِطْئاً كَبِيراً } أي: لإفضائه إلى تخريب العالم. وأي خطأ أكبر من ذلك.
تنبيه
دل قوله تعالى: { خَشْيَةَ إِمْلاقٍ } على أن ذلك هو الحامل لهم على الوأد، لا خوف العار كما زعموا. قال المبرد في " الكامل ": كانت العرب في الجاهلية تئد البنات، ولم يكن هذا في جميعها. إنما كان في تميم بن مرّ، وقيس، وأسد، وهذيل، وبكر بن وائل.
ثم قال: ودل على ما من أجله قتلوا البنات فقال: { وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ } وقال:
{ { وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنّ } [الممتحنة: 12]، فهذا خبر بيِّنٌ أن ذلك للحاجة. وقد روى بعضهم: أنهم إنما فعلوا ذلك أنفة. وذكر أبو عبيدة معمر بن المثنى؛ أن تميماً منعت النعمان الإتاوة. فوجه إليهم أخاه الريان بن المنذر، فاستاق النعم وسبى الذراري. فوفدت إليه بنو تميم. فلما رآها أحب البقيا. فأناب القوم وسألوه النساء. فقال النعمان: كل امرأة اختارت أباها ردت إليه، وإن اختارت صاحبها تركت عليه. فكلهن اختار أباها، إلا ابنة القيس بن عاصم فإنها اختارت صاحبها عَمْرو بن المشمرج. فنذر قيس ألا تولد له ابنة إلا قتلها. فهذا شيء يعتلُّ به من وأد، ويقول: فعلناه أنفة، وقد أكذب ذلك بما أنزل الله تعالى في القرآن.
وقال ابن عباسرحمه الله ( في تأويل هذه الآية ): وكانوا لا يورثون ولا يتخذون إلا من طاعن بالرمح ومنع الحريم. يريد: الذكران. والخطأ كالإثم، لفظاً ومعنى.
ولما نهى عن قتل الأولاد، نهى عن قطع النسل بقوله سبحانه:
{ وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً ... }.