خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

كُلُّ ذٰلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً
٣٨
ذَلِكَ مِمَّآ أَوْحَىٰ إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ ٱلْحِكْمَةِ وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ فَتُلْقَىٰ فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَّدْحُوراً
٣٩
-الإسراء

محاسن التأويل

{ كُلُّ ذَلِكَ } أي: المنهي عنه من قوله: { وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ اللّهِ إِلَهاً آخَرَ } إلى هذه الغاية: { كَانَ سَيٍّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً } قال المهايمي: أما الشرك فلإخلاله بالكمال المطلق الذي لا يتصور مع الشرك. وأما عبادة الغير فلما فيها من تعظيمه المخصوص بذي الكمال المطلق، فهو في معنى الشرك. وأما العقوق فلأنه كفران نعمة الأبوين في التربية، أحوج ما يكون المرء إليها. ومنع الحقوق بالبخل تفريط، والتبذير والبسط إفراط. وهما مذمومان. والذميم مكروه. والقتل يمنع الحكمة من بلوغها إلى كمالها... والزنى وإتلاف مال اليتيم في معناه. ونقض العهد مخلٌّ بنظام العالم. وكذا اقتفاء ما لا يعلم. والتكبر من خواص الحق. وعادة الملوك كراهة أن يأخذ أحد من خواصه شيئاً. { ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ } أي: مما يحكم العقل بصحته، وتصلح النفس بأسوته.
قال المهايمي: أي: من العلم المحكم الذي لا يتغير بشبهة: { وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ اللّهِ إِلَهاً آخَرَ } كرره للتنبيه على أن التوحيد مبدأ الأمر ومنتهاه. وأنه رأس كل حكمة وملاكها. ومن عدمه لم ينفعه علومه وحكمه.
قال أبو السعود: وقد رتب عليه ما هو عائدة الإشراك أولاً حيث قيل: { فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَّخْذُولاً } ورتب عليه ها هنا نتيجة في العقبى فقيل: { فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً } أي: بالجهل العظيم: { مَّدْحُوراً } أي: مبعداً مطروداً من الرحمة. وفي إيراد الإلقاء، مبنياً للمفعول، جري على سنن الكبرياء، وازدراء بالمشرك وجعلٌ له، من قبيل خشبة يأخذها آخذ بكفه، فيطرحها في التنور. انتهى.