خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي ءَادَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً
٧٠
-الإسراء

محاسن التأويل

{ ولقد كرمنا بني آدم } أي: بالنطق والتمييز والعقل والمعرفة والصورة والتسلط على ما في الأرض والتمتع به: { وحملناهم في البر والبحر } أي: يسرنا لهم أسباب المعاش والمعاد بالسير في طلبها فيهما، وتحصيلها: { ورزقناهم من الطيبات } أي: فنون المستلذات التي لم يرزقها غيرهم من المخلوقات: { وفضلناهم على كثيرٍ ممن خلقنا تفضيلاً } أي: عظيماً، فحق عليهم أن يشكروا هذه النعم، بأن يعبدوا المتفضل بها وحده ويقيموا شرائعه وحدوده.
تنبيه
ظاهر قوله تعالى: ( على كثير ) أن ثمة من لم يفضل البشر عليه. قيل: وهم الذوات المقدسة من الملأ الأعلى. أعني الملائكة.
قال القاشاني: وأما أفضلية بعض الناس، كالأنبياء على الملائكة المقربين، فليست من جهة كونهم بني آدم. بل من جهة السر المودع فيهم، المشار إليه بقوله:
{ { إني أعلم ما لا تعلمون } [البقرة: 30]، وهو ما أعد لذلك البعض من المعرفة الإلهية التامة. وحينئذ ليس هو بهذا الاعتبار من بني آدم كما قيل:

وإني وإن كنت ابن آدم صورةً فلي فيه معنى شاهدٌ بأبوتي

وذهب قوم إلى تأويل ( الكثير ) بـ ( الكل ) كما أول ( القليل ) بمعنى ( العدم ) في قوله تعالى: { { فقليلاً ما يؤمنون } [البقرة: 88]. والمعنى: وفضلناهم على الجم الغفير من خلقنا، أي: جميع المخلوقات.
قال القاشاني: على أن تكون ( من ) للبيان والمبالغة في تعظيمه، بوصف المفضل عليهم بالكثرة وتنكير الوصف وتقديمه على الموصوف. أي: كثير، وأي كثير، وهو جميع مخلوقاتنا لدلالة ( من ) على العموم، ولا يخفى أنه لا يلزم من تفضيل جنس على جنس آخر تفضيل كل فرد منه على كل فرد من الآخر. والمسألة معروفة في كتب الكلام.