خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ ٱلَّذِي أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً
٧٣
وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً
٧٤
-الإسراء

محاسن التأويل

{ وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذاً لاتخذوك خليلاً ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً } إخبار عن تأييده تعالى رسوله، صلوات الله عليه وسلامه، وتثبيته وعصمته وتولي أمره وحفظه. فإن المشركين، لكثرة تفننهم في ضروب الأذى وشدة تعنتهم وقوة شكيمتهم، كادوا أن يفتنوه. ولكن عناية الله وحفظه، هو الذي ثبت قدمه في مثل مقامه في الدعوة إلى الله الذي لا يثبت فيه أحد غيره. وقد روي أن ثقيفاً قالوا: لا نؤمن حتى تعطينا خصالاً نفتخر بها على العرب: لا ننحني في الصلاة، ولا نكسر أصنامنا بأيدينا، وإن تمتعنا باللات سنة من غير أن نعبدها، فإن خشيت أن يسمع العرب: ( لم أعطيتهم ما لم تعطنا ) فقل: الله أمرني بذلك.
وروي أن قريشاً قالوا: لا ندعك يا محمد أن تستلم الحجر الأسود حتى تمس آلهتنا. وقالوا أيضاً: نؤمن بك إن تمس آلهتنا.
قال الإمام الطبري: يجوز أن تكون الفتنة فما ذكر. وأن تكون غير ذلك. ولا بيان في الكتاب ولا في خبر يقطع العذر أي: ذلك كان. فالأصوب: الإيمان بظاهره حتى يأتي ما يجب التسليم له، ببيان ما عني بذلك منه.
قال الزجاج: معنى الكلام: كادوا يفتنونك. ودخلت ( أن ) المخففة من الثقيلة و ( اللام ) للتأكيد. والمعنى: أن الشأن قاربوا أن يفتنوك، أي: يخدعوك. ويصرفوك عن القرآن، أي: عن حكمه. وذلك لأن في إعطائهم ما سألوا مخالفة لحكم القرآن. وقوله: { لتفتري علينا غيره } أي: غير ما أوحينا إليك وهو قولهم: قل الله أمرني بذلك: { وإذاً لاتخذوك خليلاً } أي: لو فعلت ما أرادوا لاتخذوك خليلاً، وأظهروا للناس أنك موافق لهم على كفرهم، وراض بشركهم. ثم قال: { ولولا أن ثبتناك } أي: على الحق بعصمتنا إياك: { لقد كدت تركن إليهم } أي: تميل إليهم: { شيئاً قليلاً } وقوله: { شيئاً } عبارة عن المصدر، أو ركوناً قليلاً.
وعن قتادة: لما نزلت هذه الآية. قال النبي صلى الله عليه وسلم:
" اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين " . ثم توعده في ذلك أشد التوعد، فقال:
{ إذاً لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ... }.